ـ[فريد المرادي]ــــــــ[10 - 06 - 08, 10:00 م]ـ
الشيخ العلامة المؤرخ مبارك الميلي - رحمه الله -
(ت 1364 هـ - 1945 م)
1 - قال الشيخ مبارك - رحمه الله - في كتابه " تاريخ الجزائر في القديم والحديث " (2/ 19 ط الأولى 1932 م): (اشتد كلب الزارين على الإسلام والعرب في هذه الأيام لظهور دولة عربية إسلامية هي دولة عبد العزيز بن السعود. وقد رأيت في عدد واحد من " الهلال " (الجزء الخامس من السنة السادسة والثلاثين) - التي تدعي بعدها عن السياسة والدين - التحكك بالإسلام في ثلاثة مواضع:
الأول (ص 555) جاء فيه أن الإباحة أوفق من الحظر، وأن الجبر شر منه، ومثَّل للجبر بجبر الوهابيين الناس على الصلاة، وخفي عليه أن ضرر الجبر إنما يكون إذا كان المجبور غير معتقد الخير فيما أجبر عليه، وهؤلاء مسلمون يرون الصلاة أهم ركن في دينهم الذي يرون نسبتهم لغيره سبة لا نظير لها.
الثاني (ص 611) جاء فيه أن المنع أحسن من الإباحة، نقيض الأول، ولكن سهل هذا التناقض؛ أن الأول ضد الجبر على الصلاة، والثاني ضد إباحة الطلاق، وكلاهما يتفقان مغزى.
الثالث (ص 586) جاء فيه أن الجرائم تكثر تبعا للحضارة وتقل مع البداوة، " والوهابيون في نجد اقل جرائم منا ودعائم الأمن ارسخ عندهم مما هي عندنا، لا لأنهم أكثر خشية للعقوبة، بل لان وسائل الجريمة عندهم قليلة لا تتعدى سرقة الماشية أو الملابس "، ولا أدري أهذا الفيلسوف .. يعتقد أن الحجاز على عهد الأتراك والشريف حسين كان أرقى حضارة منه على عهد ابن السعود؟
لا يا فيلسوف! انه لا علاج للإجرام غير التهذيب الديني وعدل الحاكم، ولا سبب لكثرتها غير استبدال الإيمان بالمادة بالإيمان باله عالم قادر).
2 - وقال في مقدمة " رسالة الشرك ومظاهره " (ص 38 ط دار الراية): (وبعد تمام التأليف، وقبل الشروع في الطبع؛ اتصلت بهدية من جدة، من الأخ في الله السيد محمد نصيف؛ تشتمل على كتاب " فتح المجيد بشرح كتاب التوحيد " لابن عبد الوهاب، فعلقت منه فوائد ألحقتها بمواضعها معزوة إليه، ولو اطلعت عليه قبل كتابة الرسالة؛ لخفف علي من عناء ابتكار العناوين وتنسيقها).
3 - ولما كان الشيخ قد سار في تأليف رسالته - تلك - على خطى الدعوة النجدية في الإصلاح قام بإهدائها إلى الملك عبد العزيز ونجليه سعود وفيصل، وشيخ الإسلام في ذلك العهد الشيخ
عبد الله بن حسن آل الشيخ، كما جاء في رسالة له إلى الأستاذ عبد القدوس الأنصاري مؤرخة في (20 ذي القعدة 1356 هـ / 22 يناير 1938 م)، نشرت في مجلة " المنهل " الحجازية (م 38، ج 12، ذو الحجة 1397 هـ / ديسمبر 1977 م، ص 1538) (1).
قال الأستاذ محمد الميلي في كتابه " الشيخ مبارك الميلي؛ حياته العلمية ونضاله الوطني " (ص 128): (إن هذا العمل [أي " رسالة الشرك ومظاهره "] يكشف عن مدى الترابط بين الفكر الإصلاحي الديني والسياسي في المشرق وفي الجزائر، أي انه يسجل مظهرا من مظاهر الوحدة الفكرية بين المغرب العربي والمشرق، وهي وحدة تحققت بفعل عامل الدين الإسلامي واللغة العربية في نفس الوقت. فأوجه الشبه بين حركة جمعية العلماء وتيارات الفكر السلفي في المشرق عديدة، فقد اعتمدت في دعوتها على كتب ابن تيمية وابن القيم وكتابات محمد بن عبد الوهاب ... ، ولم يكن محض صدفة أن نجد في خزانات الرعيل الأول من جمعية العلماء أهم كتب الفكر السلفي التي كانت قد طبعت على نفقة المرحوم عبد العزيز آل سعود، وكذلك مطبوعات " المنار ").
4 - قال الشيخ مبارك الميلي - رحمه الله - في مقال نشره في (العدد 11) من جريدة " البصائر " (26 ذي الحجة 1354 هـ / 20 مارس 1936 م، ص 2): (إن كثيرا يغلطون في معنى الشرك المنافي للتوحيد، فيظنونه اعتقاد النفع والضر في الجمادات وغير الصالحين من العباد، أو اعتقاد أن أحدا غير الله يماثل الله في الخلق والإيجاد، ولا ينافي التوحيد عند هؤلاء اعتقاد أن الصالحين ينفعون أو يضرون، ويعطون ويمنعون، وأن الله أطلعهم على غيبه من دون وحي، وأنه جعل لهم مفاتح خزائنه كما جعل لهم مفاتح غيبه، فينزلون الأمطار متى شاءوا، ويعافون من أحبوا من المرضى، ويهبون لمن أرادوا ذكورا وإناثا، أو يزوجونهم ذكرانا وإناثا، ويجعلون من غضبوا عليه عقيما ...
يتمسك الغالطون في معنى الشرك باعتقادهم في الصالحين على ما وصفنا، وإن أنكرت عليهم شيئا من ذلك أفحموك في نظرهم بقول صاحب الجوهرة:
واثبتن للأوليا الكرامة * ومن نفاها فانبذن كلامه
ثم حكموا عليك بأنك تنكر الولاية والكرامة، ونبزوك بألقاب لا يفهمون لها معنى مثل معتزلي، ووهابي، وهنأوا أنفسهم بتوفيق الله لهم إلى عقيدة أهل السنة والجماعة ...
ليس الأمر كما تظنون أيها الغالطون! فاربعوا على أنفسكم! واسألوا أهل الذكر عن حقائق دينكم، ولا تقفوا ما ليس لكم به علم، وأخلصوا في طلب الحق عسى أن يوفقكم الله إلى الظفر به، ولا تخدعوا في علمائكم المرشدين، فإنهم لكم من الناصحين، ومن خشية عاقبة سكوتهم وضلالكم مشفقون).
====
(1) بواسطة مجلة " الإصلاح " - الجزائرية - (العدد 7، محرم / صفر 1429 هـ، ص 66).
¥