تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 - قال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي - رحمه الله - في مقال له نشر في (العدد 9) من جريدة " السنة " (11 صفر 1352 هـ / 5 يونيو 1933 م، ص 3): (ويقولون عنا إننا وهابيون، كلمة كثر تردادها في هذه الأيام الأخيرة حتى أنست ما قبلها من كلمات: عبداويين وإباضيين وخوارج. فنحن بحمد الله ثابتون في مكان واحد وهو مستقر الحق، ولكن القوم يصبغوننا في كل يوم بصبغة، ويسموننا في كل لحظة بسمة، وهم يتخذون من هذه الأسماء المختلفة أدوات لتنفير العامة منا وإبعادها عنا، وأسلحة يقاتلوننا بها وكلما كلت أداة جاءوا بأداة، ومن طبيعة هذه الأسلحة الكلال وعدم الغناء، وقد كان آخر طراز من هذه الأسلحة المفلولة التي عرضوها في هذه الأيام كلمة "وهابي"، ولعلهم حشدوا لها ما لم يحشدوا لغيرها وحفلوا بها ما لم يحفلوا بسواها، ولعلهم كافئوا مبتدعها بلقب (مبتدع كبير).

إن العامة لا تعرف من مدلول كلمة " وهابي " إلا ما يعرفها به هؤلاء الكاذبون، وما يعرف منها هؤلاء إلا الاسم وأشهر خاصة لهذا الاسم وهي أنه يذيب البدع كما تذيب النار الحديد، وأن العاقل لا يدري مم يعجب! أمن تنفيرهم باسم لا يعرف حقيقته المخاطب منهم ولا المخاطب، أم من تعمدهم تكفير المسلم الذي لا يعرفونه نكاية في المسلم الذي يعرفونه، فقد وجهت أسئلة من العامة إلى هؤلاء المفترين من (علماء السنة!!) عن معنى "الوهابي"؛ فقالوا هو الكافر بالله وبرسوله، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا.

أما نحن فلا يعسر علينا فهم هذه العقدة من أصحابنا بعد أن فهمنا جميع عقدهم، وإذ قد عرفنا مبلغ فهمهم للأشياء وعلمهم بالأشياء، فإننا لا نرد ما صدر منهم إلى ما يعلمون منه ولكننا نرده إلى ما يقصدون به، وما يقصدون بهذه الكلمات إلا تنفير الناس من دعاة الحق، ولا دافع لهم إلى الحشد في هذا إلا أنهم موتورون لهذا الوهابية التي هدمت أنصابهم ومحت بدعهم فيما وقع تحت سلطانها في ارض الله وقد ضج مبتدعة الحجاز فضج هؤلاء لضجيجهم - والبدعة رحم ماسة -، فليس ما نسمعه هنا من ترديد كلمة " وهابي " تقذف في وجه كل داع إلى الحق إلا نواحا مرددا على البدع التي ذهبت صرعى هذه الوهابية، وتحرقا على هذه الوهابية التي جرفت البدع، فما أبغض الوهابية إلى نفوس أصحابنا، وما أثقل هذا الاسم على أسماعهم، ولكن ما أخفه على ألسنتهم حين يتوسلون به إلى التنفير من المصلحين، وما أقسى هذه الوهابية التي فجعت المبتدعة في بدعهم - وهي أعز عزيز لديهم -، ولم ترحم النفوس الولهانة بحبها ولم ترث للعبرات المراقة من أجلها).

وقال (6): (يا قوم إن الحق فوق الأشخاص، وإن السنة لا تسمى باسم من أحياها، وإن الوهابيين قوم مسلمون يشاركونكم في الانتساب إلى الإسلام، ويفوقونكم في إقامة شعائره وحدوده، ويفوقون جميع المسلمين في هذا العصر بواحدة وهي أنهم لا يقرون البدعة، وما ذنبهم إذا ما أنكروا ما أنكره كتاب الله وسنة رسوله، وتيسر لهم من وسائل الاستطاعة ما قدروا به على تغيير المنكر؟

أإذا وافقنا طائفة من المسلمين في شيء معلوم من الدين بالضرورة، وفي تغيير المنكرات الفاشية عندنا وعندهم - والمنكر لا يختلف حكمه باختلاف الأوطان - تنسبوننا إليهم تحقيرا لنا ولهم، وازدراء بنا وبهم، وإن فرقت بيننا وبينهم الاعتبارات؛ فنحن مالكيون برغم أنوفكم، وهم حنبليون برغم أنوفكم، ونحن في الجزائر وهم في الجزيرة. ونحن نعمل في طرق الإصلاح الأقلام، وهم يعملون فيها الأقدام، وهم يعملون في الأضرحة المعاول ونحن نعمل في بانيها المقاول) (1).

2 - وقال - كما في " آثاره " (1/ 198) -: (نسمع نغمات مختلفة ونقرؤها في بعض الأوقات كلمات مجسمة - صادرة من بعض الجهات الإدارية أو الجهات الطرقية - تحمل عليها الوسوسة وعدم التبصر في الحقائق من جهة، والتشفي والتشهير من جهة أخرى، هذه النغمات هي رمي جمعية العلماء تارة بأنها شيوعية، وتارة بأنها محركة بيد خفية أجنبية، وتارة بأنها تعمل للجامعة الإسلامية أو العربية أو تعمل لنشر الوهابية، والطرقيون لا تهمهم إلا هذه الكلمة الأخيرة، فهي التي تقض مضاجعهم وتحرمهم لذيذ المنام، وحالهم معها على الوجه الذي يقول فيه القائل:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير