تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[معنى خلافة الإنسان \ نرجو النقد و التصحيح قبل النشر]

ـ[جميل الرويلي]ــــــــ[26 - 06 - 08, 11:35 ص]ـ

معنى خلافة الإنسان على الأرض

بعد نقاش طويل مع شيخ فاضل جليل نصحني بأن أصنف شيئاً في " معنى خلافة الإنسان على الأرض ".

خصوصا أنه مجال صار يبني عليه كثير من الدعاة بعض الإلزامات و التفريعات الخاطئة و قد اجتهدت ففعلت و عرضت الكتاب على أكثر من شيخ و كلهم يعتذر بمشاغله و بعضهم يقول هذا كتاب فيه بعض المصطلحات الغربية و لا أتكلم في مثله. و الكتاب فعلا تم تدشين مقدمة له تتحدث عن تطور الفكر الغربي من التدين إلى الانحلال و من ثم أسقطت ذلك على واقعنا ثم تكلمت في معنى الخلافة.

هذا الفصل الذي أضعه بين أيديكم هو الفصل الرابع و هو الأخير من الكتاب في أربعة ابواب هذا هو الباب الأول ....

جزى الله خيرا ً من انتقد و من صوب و من قرأ ...


سكنى الأرض و إعمارها ليس غاية في خلق بني آدم

قال تعالى: (ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما * وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى * فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى * إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى * وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى * فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى * فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى * ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى * قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) (125). إن المتأمل لهذه الآيات سوف يعلم دون تكلف أن آدم عليه السلام كان مأموراً بالبقاء في الجنة هو و زوجه أمراً صريحاً في قوله تعالى: (فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) ثم قال تعالى كلاماً يتضح من سياقه أن الجنة قد أعدت ليبقى آدم و زوجه فيها بشكل دائم حيث يقول تعالى (إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى * وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى) , فبقاء آدم في الجنة كان أمراً محبوباً عند الله و هذا ما يسمى بالإرادة الشرعية أي الموافقة للأمر و النهي و أما الإرادة الكونية هي أن يأذن الله بنفاذ أمر ما قدراً دون أن يكون محباً لهذا الأمر كوقوع الزنا مثلا. و لأجل ما سبق بيانه فإنه يتضح لك خطأ من يقول بأن الله عز و جل خلق آدم ليكون خليفته على الأرض بمعنى أن هذه هي الغاية الشرعية المحبوبة عند الله عز و جل , فالخلافة في الأرض أمر طارئ جاء على وجه العقوبة و ما كان الله ليخلق آدم لأجل أن يعاقبه , فهذا قول مخالف للصواب لأن الله ما خلق آدم لذلك و يتضح ذلك من وجوه هي:
1) أن الله عز و جل قال للجنة: (أنتي رحمتي أرحم بك من أشاء) (126) و عندما خلق آدم قال له: (يا آدم أسكن أنت و زوجك الجنة) (127) فكان واضحاً أن الله عز و جل خلق آدم ليرحمه برحمته التي هي الجنة و من يقول بأن الله خلق آدم عليه السلام للخلافة في الأرض فإنه يقول بأن الله خلق آدم للشقاء لأنه تعالى وصف الخروج من الجنة – الذي هو الهبوط إلى الأرض – بأنه شقاء , فقال: (فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى) , ومن يقول بأن الخلافة في الأرض ليست كلها شقاءاً لأن الإنسان يتلذذ بطاعة ربه و الخضوع له و تحدث له من الأحوال الإيمانية التي هي من جنس النعيم الخالص فإن هذا متعلق بذكر الله و عبادته و نحن نتحدث عن الخلافة بشكل عام بكل ما فيها و بكل تبعاتها فهي بلا شك شقاء , حتى أنه عليه الصلاة والسلام أشار إلى هذا المعنى في أن الدنيا قد لا تكون كلها شقاء ولكن أكثرها الشقاء في قوله: (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالم أو متعلم) (128) , و لا شك أنه قامت على الأرض أنواع من العبودية لله هي أعظم مما حدث لآدم عليه السلام في الجنة فقد أرسل الله الرسل و أتخذ من عباده الشهداء غير أن هذا في حد ذاته لا يخلو من الشقاء فالنبي صلى الله عليه و سلم قد حدّث عن نبي من الأنبياء ضربه قومه حتى أدموه فهو يمسح الدم عن وجهه و يقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون , فهذا نوع من العبودية في معناه و قصده ولكنه في الشعور به و بمكابدته فهو شقاء و كان آدم يتنعم في الجنة و لا حاجة له بكل هذا هو و ذريته , بل أن موسى عليه السلام سمى النزول إلى الأرض بأنه شقاء
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير