تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أخي بداية أحمد لك هذه الغيرة على الصحابة الكرام، وهذه من علامات الْإِيمَان، وليس في طلب السلامة لأحد من المسلمين – صغيراً كَانَ أم كبيراً – تنقصاً لأحد من صحابة النبي الكريم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ورضي الله عنهم أجمعين، ونحن لا ندعي العصمة لأحد بعد الأنبياء، لأننا سنكون كمن يلتمس في الماء جذوة نار، فأرجو أن تقرأ هَذَا بعين الإنصاف، فربما بِهِ يزول الإشكال، وتلتئم بفهمه الأقوال، وتطوى مثل هذه الصفحات، ولا يخفاك أنه لم يكن خافياً على أكابر العلماء - من أهل النقد والتمييز الذين نهلوا من علمه وطاروا بكتبه، وترجموا له بأنبل الكلمات – ذلكم الذي نسبتموه للذهبي، وإلا لحفلت بِهِ كتبهم - وهم من هم نحسبهم والله حسيبهم لا يخافون في الله لومة لائم -.

أولاً: ألم يقل أبو سفيان عَنْ نفسه – في حديث هرقل الشهير -: وَاللَّهِ مَا زِلْتُ ذَلِيلًا مُسْتَيْقِنًا بِأَنَّ أَمْرَهُ سَيَظْهَرُ حَتَّى أَدْخَلَ اللَّهُ قَلْبِي الْإِسْلَامَ وَأَنَا كَارِهٌ.

أخْرَجَهُ البخاري (2723) والنسائي ((الكبرى)) (6/ 311/11064)، وابن أبي عاصم ((الآحاد والمثاني)) (2/ 20/455)، والطبراني ((الكبير)) (7/ 12/7122)، والبيهقي ((الكبرى)) (9/ 178) و ((دلائل النبوة)) (4/ 497/1721) ... وغيرهم كثير

فما يضر الذهبي أن يذكر هذه الكلمة، مَعَ سلامة معتقده في الصحابة الكرام عامة، وفي أبي سفيان خاصة؛

أوليس هو القائل في أبي سفيان: ثم بعد أيام صلح إسلامه.

وهو القائل: ((وشهد قتال الطائف، فقلعت عينه حينئذ، ثم قلعت الاخرى يوم اليرموك.

وكان يومئذ قد حسن إن شاء الله إيمانه، فإنه كان يومئذ يحرض على الجهاد.

وكان تحت راية ولده يزيد، فكن يصيح: يا نصرالله اقترب.

وكان يقف على الكراديس يذكر، ويقول: الله الله، إنكم أنصار الاسلام ودارة العرب، وهؤلاء أنصار الشرك ودارة الروم ; اللهم هذا يوم من أيامك، اللهم أنزل نصرك

فإن صح هذا عنه، فإنه يغبط بذلك.

ولا ريب أن حديثه عن هرقل وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم يدل على إيمانه، ولله الحمد.

وكان عمر يحترمه ; وذلك لانه كان كبير بني أمية.)) ((سير أعلام النبلاء))

وأما الخلاف في شأن بدأ إسلام أبي سفيان فقد ورد كثيراً في كتب التاريخ والتراجم – ككتاب ((الإستيعاب)) لابن عبد البر -، فهل يشغب على هؤلاء الأئمة بمثل هَذَا.

ثانياً: أخي الحبيب وما هو الإشكال الذي بدا لك في قول الذهبي رحمه الله ((وأعطاه صهره رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنائم مئة من الابل، وأربعين أوقية من الدراهم يتألفه بذلك)) أفيه كذب؟ أوليس بصهره!، وهل كَانَ الذهبي سيئ الطوية إلى هذه الدرجة لنحمل مثل هذه الكلمة محمل الطعن فيه، أقول وإن كَانَ ثم طعن يلتمس من قول الذهبي رحمه الله - يفهمه من لا يحسن الظن بهولاء العلماء – لكان يتجه إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا أبعد ما يكون في كلام الذهبي رَحِمَهُ اللَّهُ. فلما التهويل والتشغيب؟!

ثالثاً: أما قول الذهبي رَحِمَهُ اللَّهُ ففرغ عن عبادة هبل، ومال إلى الإسلام. ألم يكون في ظلمات فأخرجهم الله إلى النور " اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "

وقال سبحانه وتعالى: ((هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ))

وقال سبحانه: ((هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (2) وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (3) ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ))

وقال سبحانه: ((يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ))

والآيات في هَذَا المعني كثيرة

ألم يقولوا هم عَنْ أنفسهم ذَلِكَ؟!

ألم يقل حذيفة رضي الله عَنْهُ " يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ "! ألم يحكي عمرو ابن العاص عَنْ نفسه وعن الأطباق التي مرت بِهِ حتى هداه الله للإسلام

ألم يقل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للأنصار لما خطبهم – بعد غزوة حنين - " يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمْ اللَّهُ بِي وَكُنْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ فَأَلَّفَكُمْ اللَّهُ بِي وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللَّهُ بِي كُلَّمَا قَالَ شَيْئًا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ "

ألم يقل الله لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآَوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى (8)))

فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير