[شيخ الإسلام ابن تيمية ونسبته إلى مذهب الكرامية]
ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[26 - 07 - 08, 06:57 م]ـ
[شيخ الإسلام ابن تيمية ونسبته إلى مذهب الكرامية]
إن الحمد لله نحمد ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا , من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إلى إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أما بعد:
حاول بعض المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ربطه بمذهب الكرامية , وهذه التهمة دندن حولها بعض خصومه المأخرين.
قال الشيخ عبد الله الغصن في كتابه " دعاوي المناوئين لشيخ الإسلام": ومنهم من يرى أن ابن تيمية رحمه الله حمل لواء المذهب الكرامي، نصيراً ومؤيداً حيث ذكر ذلك أحدهم بقوله: (لم تمت الكرامية .. لقد عاشت الكرامية بعد موت مؤسسها ... ثم احتضنها عالم سلفي متأخر، ومفكر من أكبر مفكري الإسلام وهو (تقي الدين بن تيمية)، أو بمعنى أدق: سار الحشو في طريقه يدعم فكرة التشبيه والتجسيم، ويجتذب إليه مجموعة من أذكى رجال الفكر الإسلامي) ()!
وللوقوف على أظهر أسباب هذه التهمة نقول:
الصراع بين الكرامية والأشاعرة
الأشاعرة والكرامية يعدهم أهل السنة من مثبتة الصفات في الجملة بإزاء الفلاسفة والجهمية والمعتزلة ,وكلا الطائفتين وافقت مذهب السلف في بعض المسائل وخالفته في أخرى.
فالكرامية مثلا وافقوا السلف في إثبات بعض الصفات الخبرية , وإثبات علو الله على عرشه , وفي قيام الصفات الاختيارية بالله تعالى على ما سيأتي ذكره.
وقد وقع الصراع بين الطائفتين الكرامية والأشاعرة في فترة من الزمان ,ووقعت بينهم منازعات ومناظرات؛ وقد أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في أكثر من موضع في كتبه.
قال رحمه الله:وأظهر السلطان محمود بن سبكتكين لعنة أهل البدع على المنابر وأظهر السنة , وتناظر عنده ابن الهيصم وابن فورك في مسألة العلو فرأى قوة كلام ابن الهيصم فرجح ذلك.
ويقال إنه قال لابن فورك: فلو أردت تصف المعدوم كيف كنت تصفه بأكثر من هذا؟ أو قال: فرق لي بين هذا الرب الذي تصفه وبين المعدوم؟
وأن ابن فورك كتب إلى أبي إسحق الأسفراييني يطلب الجواب عن ذلك فلم يكن الجواب إلا أنه لو كان فوق العرش للزم أن يكون جسما ().
وعلى ذلك كانت الردود بينهم في كثير من المسائل والآراء.
وقد تعرض شيخ الإسلام في كتبه لهذه المسائل وتناول بعضا ما بين الطائفتين من خلاف في مسائل عدة , وأشهر هذه المسائل:
1 - إثبات العلو لله تعالى ,وبعض الصفات الخبرية لله تعالى.
2 - مسألة قيام الصفات الاختيارية بالله.
3 - مسألة إثبات كلام الله تعالى بمشيئته واختياره.
4 - إثبات الحكمة والتعليل التي تنفيها الأشاعرة
5 - مسألة الجسمية وبيان معنى التجسيم المنسوب إلى الكرامية وحقيقة قولهم , وهذه المسألة أكثر ما دندن بها خصوم شيخ الإسلام رحمه الله.
وقد بين شيخ الإسلام أن قول الكرامية في بعض هذه المسائل أقرب من قول الأشاعرة.
ولعل بيان شيخ الإسلام لهذه الأقوال التي كانت فيه الكرامية أقرب إلى مذهب السلف؛ حمل بعض أولئك الخصوم على تهمة شيخ الإسلام بأنه الذي رفع مذهب الكرامية بعد اندثاره.
وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن مذهب السلف قبل مذهب الكرامية وإنما تحمد الأقوال والآراء بموافقتها لمذهب السلف أو بمخالفتها.
قال رحمه الله: وكذلك من قبل هؤلاء كأبي المعالي وذويه؛إنما عمدتهم أن الكرامية قالوا ذلك ,وتناقضوا فيبينون تناقض الكرامية , ويظنون أنهم إذا بينوا تناقض الكرامية وهم منازعوهم فقد فلجوا , ولم يعلموا أن السلف وأئمة السنة والحديث بل من قبل الكرامية من الطوائف لم تكن تلتفت إلى الكرامية وأمثالهم؛ بل تكلموا بذلك قبل أن تخلق الكرامية؛ فإن ابن كرام كان متأخرا بعد أحمد بن حنبل في زمن مسلم بن الحجاج وطبقته , وأئمة السنة والمتكلمون تكلموا بهذه قبل هؤلاء وما زال السلف يقولون بموجب ذلك ().
وسوف اقتصر في النقل في بيان مذهبهم على هذه المسائل السالفة الذكر , مع بيان عقيدتهم في الإيمان الذي اشتد نكير السلف عليهم فيه.
التعريف بمحمد بن كرام
قال الذهبي في ترجمته من الميزان: محمد بن كرام السجستاني العابد المتكلم، شيخ الكرامية.
¥