تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[إشكال علم أصول التفسير]

ـ[محمد الجبلي]ــــــــ[12 - 04 - 07, 03:49 م]ـ

الله تعالى أنزل أحسن كتاب على خير أمة أخرجت للناس، فكانت بحق في مستوى المكانة التي بوأها الله تعالى إياها. بعنايتها بكتاب ربها، و حرصها على فهمه و تدبر معانيه و استنباط الأحكام و الحكم منه، ثم تطبيق أوامره و الابتعاد عن نواهيه، و بذلها غاية جهدها في فهمه و استيعابه.

و كتاب الله تعالى – كما قرره الأصوليون- قطعي الثبوت ظني الدلالة، و ظنية الدلالة هذه مأتاها طبيعة القرآن المعجز، ذلك أن منه الواضح أو البين- كما قال الطوفي في الإكسير- الذي تفهمه العرب من لغتها لبيانه ووضوحه. فهذا لا حاجة له إلى تفسير.

و من القرآن ما هو غير واضح إما لاشتراك أو غرابة أو ظهور تشبيه. و هذا القسم هو المحتاج إلى التفسير و البيان.

الأول أنزله الله تعالى ليتعبد عامة الناس بتطبيقه لوضوحه و بيانه، و الثاني أنزله الله لحكم متعددة منها ليتعبد العلماء بالاجتهاد فيه و الاستنباط منه، لذلك أثنى الله على العلماء من عباده، و ليتعبد عامة الناس بتقليد العلماء فيما قرروه فيه. [1] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn1)

و قد بذل العلماء غاية جهدهم في فهم كتاب الله تعالى، و توجيه الفهم و حمايته من التحريف.

و أخطر تحريف هو تحريف الفهم و التلاعب به. أما تحريف النص القرآني، فهذا مستحيل لتكفل الله تعالى بحفظ كتابه. قال تعالى:" إنا نحن نزلنا الذكر و إن له لحافظون" (الحجر9).

و الذي يدفع إلى تحريف الفهم و التأويل الفاسد هو موقع النص القرآني في أمة الإسلام بكل طوائفها و مذاهبها، إذ النص هو محور الفكر الإسلامي منذ النشأة إلى اليوم، و كل ما أنتجه الفكر الإسلامي لا يعدو أن يكون إما موثقا للنص أو مساعدا على فهمه أو مستنبطا منه.

و قد دأبت الحركات الإصلاحية و التيارات الفكرية على استمداد مشروعيتها من النص، فلا تقبل فكرة أو دعوى ما لم يشهد لها النص بالصلاحية. و لذلك نرى الكل يلوذ بالنص و يلجأ إليه لاستمداد المشروعية.

و هذا ما أعطانا فهو ما متعددة للقرآن الكريم قد تصل إلى حد التناقض. حتى قال قاضي البصرة عبيد الله بن الحسن:" كل ما جاء به القرآن حق، و يدل على الاختلاف، فالقول بالقدر صحيح و له أصل في الكتاب، و القول بالإجبار صحيح وله أصل في الكتاب، و من قال بهذا فهو مصيب، و من قال بهذا فهو مصيب لأن الآية الواحدة ربما دلت على وجهين مختلفين و احتملت معنيين متضادين." [2] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn2)

و الذي جعل مثل هذه الفهوم تكثر و تتعدد إلى حد الفوضى و ضياع الحقيقة الشرعية بين أهل الأهواء و الضلالات هو عدم وجود أصول و قواعد للتفسير تضبط الفهم عن الله تعالى، و هذا ما جعل إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل يقول ثلاثة لا أصل لها منها التفسير، و إن كان يقصد من حيث السند. و قال ابن تيمية:" إن الكتب المصنفة في التفسير مشحونة بالغث والسمين والباطل الواضح والحق المبين " [3] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn3) .

فمثلا الحديث له أصول تضبط نقله، و أن كل المحاولات التي أرادت العبث بالسنة باءت بالفشل.

و كذلك الفقه له أصوله التي تضبط عملية الاستنباط و التشريع.

لكن التفسير بقي بلا أصول و لا قواعد تضبط وتحكم العملية التفسيرية، حتى إن البعض نزع عنه صفة العلمية، و قال إنه لم يرتقي بعد إلى مستوى العلم، بمعنى أنه يفتقر إلى الجانب التنظيري التأطيري، فبقي مجال فوضى.

و قد وقف الإمام الطوفي على إشكال علم التفسير فقال:" إنه لم يزل يتلجلج في صدري إشكال علم التفسير وما أطبق عليه أصحاب التفاسير، ولم أجد أحدا منهم كشفه في ما ألفه ولا نحاه في ما نحاه، فتقاضتني النفس الطالبة للتحقيق الناكبة عن جمر الطريق لوضع قانون يعول عليه ويصار في هذا الفن إليه " [4] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=57#_ftn4) إلا أنه لم يفعل

وليته فعل.

و في عصرنا الحالي و في محاولة بناء أصول و قواعد علم التفسير أشار الدارسون المعاصرون إلى أن مباحث هذا العلم مبثوثة في علوم شرعية متنوعة منها علم أصول الفقه و التفسير و اللغة العربية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير