لو أنه جعل موضوع هذا الكتاب في الدعارة والفسق بأبشع أشكالها لكان أقل ضررا مما جاء فيه، لأن الدعارة والفسق معصية، وكبيرة من أكبر الكبائر، أما هذا فكفر، كفر شر من كفر أبي لهب وأبي جهل، ما قال مثله فيما نعلم إلا فرعون، ولكن فرعون ما وجد في أيامه غرابا آخر يشرح قوله ويفلسفه، ويحاول أن يبرره.
أنا لا أريد من هذا أن أرد على ما في هذا الكتاب، فأمره أظهر من أن يحتاج إلى رد، ولكن أنبه المخدوعين بالتصوف من أن يصلوا إلى مثل هذا.
التصوف إذا كان المراد منه -كما يقول أوائلهم ممن كان أيام الجنيد وقبل الجنيد – إذا كان مقيدا بالكتاب والسنة كما جاء مثلا في كتاب " مدارج السالكين " لابن القيم، إذا لم يخالف نص الكتاب والسنة الصحيحة، وكان يؤدي إلى تصفية النفس والبعد عن الرياء، وتصحيح الإيمان، فنقبله ولو سميناه بهذا الاسم الغريب علينا: اسم التصوف.
كلمة الصوفية على الصحيح من أصل يوناني، وليست كلمة عربية، لكن ما انتهى إليه المتصوفة من القول بوحدة الوجود، وما دعوه (الحقيقة المحمدية)، والقول بأن الدين منه ما هو شريعة ظاهرة، ومنه ما هو حقيقة، والشريعة مردها إلى الكتاب والسنة، والحقيقة مردها إلى الأذواق والخواطر والخيالات، ولو كانت خيالات الحشّاشين! وأوهام السكارى!!، وما أدى إلى القول بالقطبانية، وما جاء به الشعراني في كتابه " الطبقات الكبرى " مثلا، فهذا كفر لاشك فيه، ومن شك في أنه كفر يكون كافرا.
فأنا أنصح – ما دام الدين النصيحة – من وقع في يديه هذا الكتاب، وأمثال هذا الكتاب، أن يحرقه لئلا يتعدى ضرره إلى غيره.
والعجيب أن الكتاب مطبوع طبعة أنيقة!، على ورق صقيل!، وأن ثمن النسخة الواحدة – كما كتب على غلافه – ثمن النسخة 66 ليرة سورية (1).
وهذه أول مرة نسمع فيها بأن من حكم عليه بالسجن يدفع أجرة الدخول إلى السجن!!، فهذا إنما يشتري بهذا المبلغ بطاقة دخول إلى جهنم!!.
فليستغفر الله مؤلف هذا الكتاب، وليستغفر الله من يذهب هذا المذهب، ولنرجع جميعا إلى القرآن الذي أنزله الله، بشرط أن نفسره التفسير الذي لا يخالف المأثور عن رسول الله – عليه الصلاة والسلام – ولا يخالف قواعد العرب ومصطلحاتهم في لسانهم، لأن القرآن إنما أنزل بلسان عربي مبين، وإذا ورد تفسير في حديث صحيح نقف عنده، ولا نجاوزه ن ولا نعمد إلى هذه التفسيرات، تفسيرات بعض الصوفية الذين أخرجوا الألفاظ عن معناها، وبدلوا المصطلحات العربية، وجاؤوا بشيء لا يطابق النقل ولا العقل. هذه هي النصيحة.
يا أيها الناس نحن في زمان فاسد، فينبغي أن نحافظ على عقيدتنا، وعلى إيماننا؛ .. نعم حصوننا مهددة من الداخل ومن الخارج.
الله حافظ دينه بلا شك، ولكن ينبغي أن نحفظ نحن أنفسنا لئلا نخرج عن جادة الدين من حيث لا نشعر، فقد ورد أن من علامات آخر الزمان أن الرجل يصبح مؤمنا، ويمسي كافرا (2)، إن حدود الإيمان والكفر قد تداخلت وخفيت على كثير من الناس، وصارت للشيطان مداخل خفية لا نكاد ننتبه إليها.
فمن أراد سلامة دينه فليبتعد عن هذا الكتاب و عن أمثاله، وليتمسك بكتاب الله، وبما صح من سنة رسول الله، وبما استنبطه العلماء المحققون منهما، والعض عليهما بالنواجذ. هذه نصيحتي، وهذا ردي على ما جاء في الرسالة والكتاب] اهـ.
ـــــ
(1) قبل أن يهبط سعر الليرة، ولست أدري هل خلت دمشق من العلماء، حتى صار هذا الغراب شيخا يدرس ويؤلف؟!! إذا كان الغراب دليل قوم ...
(2) إن الله لا يقبض العلم انتزاعا منصدور العلماء، ولكن يقبض العلماء، أو يبعدهم عن أوطانهم، فيتخذ الناس أئمة جهالا يفتون بغير علم، فضيلون ويضلون أتباعهم.
ـ[خالد بن عمر]ــــــــ[27 - 07 - 08, 01:36 م]ـ
ما شاء الله نقل موفق مبارك
جزاك الله خيرا وبارك فيك ورحم الله الشيخ الطنطاوي وتجاوز عنا وعنه.
والنقل السَّابق من فتاويه المطبوعة في مجلدين (1/ 77 - 85)،باعتناء حفيده مجاهد ديرانية.
وللشيخ عبد القادر بن حبيب الله السندي رحمه الله ورفع منزلته ردود مطوَّلة على كتب " محمود محمود الغراب "، تقع في أربعة مجلدات.
فقد أرسل الغراب ثلاثة من كتبه إلى الشيخ ابن باز رحمه الله لينظر فيها عام (1403 هـ) وهي:
1 - الفقه الأكبر عند الشيخ محي الدين بن عربي
2 - شرح كلمات الصوفية، أو الرد على ابن تيمية من كلام الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي
3 - الإنسان الكامل أو القطب الغوث الفرد من كلام الشيخ محي الدين ابن عربي
ولعلي أكتب شيئا من مقدمة الشيخ السندي في وقت لاحق إن شاء الله.
ـ[زوجة وأم]ــــــــ[27 - 07 - 08, 02:47 م]ـ
جزاك الله خيرا
ورحم الله الشيخ علي الطنطاوي رحمة واسعة
ـ[علي الفضلي]ــــــــ[27 - 07 - 08, 06:58 م]ـ
ما شاء الله نقل موفق مبارك
جزاك الله خيرا وبارك فيك ورحم الله الشيخ الطنطاوي وتجاوز عنا وعنه.
ولعلي أكتب شيئا من مقدمة الشيخ السندي في وقت لاحق إن شاء الله.
آمين وإياك، ولعلك تعجل أخي خالدا بهذه المقدمة.
¥