تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أ- قال: ومما يبين أن حصول العلوم اليقينية الكلية والجزئية لا يفتقر إلى برهانهم من قضية كلية أن العلم بتلك القضية الكلية لا بد له من سبب؛فإن عرفوها باعتبار الغائب بالشاهد ,وأن حكم الشيء حكم مثله كما إذا عرفنا أن هذه النار محرقة فالنار الغائبة محرقة لأنها مثلها وحكم الشيء حكم مثله؛فيقال هذا استدلال بالقياس التمثيلي وهم يزعمون أنه لا يفيد اليقين بل الظن؛فإذا كانوا إنما عملوا القضية الكلية بقياس التمثيل رجعوا في اليقين إلى ما يقولون إنه لا يفيد إلا الظن ,وإن قالوا بل عند الإحساس بالجزئيات يحصل في النفس علم كلي من واهب العقل أو تستعد النفس عند الإحساس بالجزئيات لأن يفيض عليها الكلي من واهب العقل أو قالوا من العقل الفعال –عندهم- أو نحو ذلك قيل لهم كلام فيها به يعلم أن الحكم الكلي الذي في النفس علم لا ظن ولا جهل؛فإن قالوا هذا العلم بالبديهة أو الضرورة كان هذا قولا بأن هذه القضايا الكلية المعلومة بالبديهة والضرورة وأن النفس مضطرة إلى هذا العلم ,وهذا إن كان حقا فالعلم بالأعيان العينة وبأنواع الكليات يحصل أيضا في النفس بالبديهة والضرورة كما هو الواقع؛فإن جزم العقلاء بالشخصيات من الحسيات أعظم من جزمهم بالكليات وجزمهم بكلية الأنواع أعظم من جزمهم بكلية الأجناس ,والعلم بالجزئيات أسبق إلى الفطرة فجزم الفطرة بها أقوى ثم كلما قوى العقل اتسعت الكليات ,وحينئذ فلا يجوز أن يقال أن العلم بالأشخاص موقوف على العلم بالأنواع والأجناس ,ولا أن العلم بالأنواع موقوف على العلم بالأجناس بل قد يعلم الإنسان أنه حساس متحرك بالإرادة قبل أن يعلم أن كل إنسان كذلك ,ويعلم أن الإنسان كذلك قبل أن يعلم أن كل حيوان كذلك فلم يبق علمه بأن غيره من الحيوان حساس متحرك بالإرادة موقوفا على البرهان ,وإذا علم حكم سائر الناس وسائر الحيوان فالنفس تحكم بذلك بواسطة علمها أن ذلك الغائب مثل هذا الشاهد أو أنه يساويه في السبب الموجب لكونه حساسا متحركا بالإرادة ونحو ذلك من قياس التمثيل والتعليل الذي يحتج به الفقهاء في اثبات الأحكام الشرعية.

مجموع الفتاوى (9

115)

وقال أيضا:وهؤلاء يزعمون أن ذلك القياس إنما يفيد الظن وقياسهم هو الذى يفيد اليقين وقد بينا فى غير هذا الموضع أن قولهم هذا من أفسد الأقوال ,وأن قياس التمثيل وقياس الشمول سواء وإنما يختلفان بالمادة المعينة؛فإن كانت يقينية فى أحدهما كانت يقينية فى الآخر ,وإن كانت ظنية فى أحدهما كانت ظنية فى الآخر ,وذلك أن قياس الشمول مؤلف من الحدود الثلاثة الأصغر والأوسط والأكبر ,والحد الأوسط فيه هو الذى يسمى فى قياس التمثيل علة ومناطا وجامعا.

فإذا قال فى مسألة النبيذ كل نبيذ مسكر وكل مسكر حرام؛ فلا بد له من إثبات المقدمة الكبرى وحينئذ يتم البرهان وحينئذ فيمكنه أن يقول النبيذ مسكر فيكون حراما قياسا على خمر العنب وبجامع ما يشتركان فيه من الإسكار؛فإن الإسكار هو مناط التحريم فى الأصل وهو موجود فى الفرع فبما به يقرر أن كل مسكر حرام به يقرر أن السكر مناط التحريم بطريق الأولى بل التفريق فى قياس التمثيل أسهل عليه لشهادة الأصل له بالتحريم؛فيكون الحكم قد علم ثبوته فى بعض الجزئيات ,ولا يكفى فى قياس التمثيل إثباته فى أحد الجزئين لثبوته فى الجزء الآخر لاشتراكهما فى أمر لم يقم دليل على استلزامه للحكم كما يظنه بعض الغالطين بل لابد أن يعلم أن المشترك بينهما مستلزم للحكم والمشترك بينهما هو الحد الأوسط.

مجموع الفتاوى (9

116)

وقال أيضا: تفريقهم بين قياس الشمول وقياس التمثيل بأن الأول قد يفيد اليقين والثانى لا يفيد إلا الظن فرق باطل بل حيث أفاد أحدهما اليقين أفاد الآخر اليقين وحيث لا يفيد أحدهما إلا الظن لا يفيد الآخر إلا الظن؛فإن إفادة الدليل لليقين أو الظن ليس لكونه على صورة أحدهما دون الآحر بل باعتبار تضمن أحدهما لما يفيد اليقين؛فإن كان أحدهما اشتمل على أمر مستلزم للحكم يقينا حصل به اليقين وإن لم يشتمل إلا على ما يفيد الحكم ظنا لم يفد إلا الظن ,والذى يسمى في أحدهما حدا أوسط:هو فى الآخر الوصف المشترك والقضية الكبرى المتضمنة لزوم الحد الأكبر للأوسط هو بيان تأثير الوصف المشترك بين الأصل والفرع فما به يتبين صدق القضية الكبرى به يتبين أن الجامع المشترك مستلزم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير