تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[التلقي من المصحف دون معلم:]

ـ[محمد بن صابر عمران]ــــــــ[15 - 04 - 07, 08:36 ص]ـ

فمن المتقرر عند أهل العلم أن من أراد معرفة كيفية الآداء والنطق الصحيح بالقرآن على الصفة التي نزل بها لابد له من التلقي، والأخذ مشافهة من أفواه المشايخ المتقنين للقراءة؛ لأن القارئ لا يمكنه معرفة كيفية الإدغام والإخفاء والتفخيم والترقيق والإمالة والتسهيل والروم والإشمام وغير ذلك إلا بسماع الشيوخ وإسماعهم حتى يمكنه أن يحترز من اللحن والخطأ؛ فتقع القراءة على الصفة المعتبرة شرعا.

قال العلامة الصفاقسي:"إن إتقان كتاب الله وقراءته كما أنزل من عظيم الطاعات وأعلاها، وأجل القربات وأسناها، ولا يتم لك النفع بذلك إلا بعد الرياضة وتكرار اللفظ بعد التلقي من أفواه المتقنين قبلك من مشائخهم المتقنين ..... " إلى أن قال: "وقد نص على هذا الإمام المحقق أحمد القسطلاني، ونقل عن البرماوي والكرماني أن فائدة مدارسة النبي- صلى الله عليه وسلم - لجبريل القرآن كل سنة؛ تعليمه - صلى الله عليه وسلم- تجويد لفظه، وتصحيح إخراج الحروف من مخرجها، وليكون سنة في حق الأمة لتجويد التلامذة على الشيوخ قراءتهم.

فإذا علمت ذلك تبين لك أن التلقي المذكور واجب، لأنه ما لا يتم الواجب به فهو واجب، وعلى هذا فأخذ المصحف بدون معلم موقِّف لا يكفي بل لا يجوز ولو كان المصحف مضبوطًا.

وقال السيوطي – رحمه الله -: "والأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن وأحكامه متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاه من الأئمة القراء المتصل سندهم بالنبي - صلى الله عليه وسلم" -.

فقوله "على الصفة المتلقاه من الأئمة القراء ... الخ صريح في أنه لا يكفي الأخذ من المصحف دون التلقي من أفواه المشايخ المتقنين.

وحديث ابن مسعود – رضي الله عنه – وقراءة الرجل وتصحيحه لقراءته عندما قصر المد المنفصل الواجب المجمع عليه عند أهل الأداء قاطبة دليل شاهد على ما تقدم ولو كان الأخذ من المصاحف كافيًا لكان مقتضى الرسم العثماني صحيحًا في القراءة في كل موضع، والأمر ليس كذلك بل قد يخل بها في موضع خالف فيها خط المصحف أصول الرسم العربي خللاً بينًا فإن بعض فواتح السور كتبت برسم الحرف لا بهيأت النطق بها وإلا فقل لي بربك كيف يتوصل القارئ إلى قراءة

(كهيعص) و (حم) و (عسق) و (طس) وغيرها ... فالذي يعلم العربية والهجاء ولكنه لا يتلقى على غيره كيفية القراءة والأداء قد يقرؤها على غير وجهها الصحيح إذ النطق بها صحيحة يتوقف على التلقي والسماع من قرَّاء القرآن وحفاظه المشتغلون به فلو كانت جميع ألفظه مكتوبة طبق النطق بها لتجرأ الكثيرون على قراءته بغير رواية، وحينئذ يفوتهم معرفة ما فيه من طرق الأداء من مد وتحقيق وإمالة وإظهار وإدغام وإخفاء إلى غير ذلك من طرق أهل الأداء.

فالحاصل أنه لا بد من التلقي من أفواه المشايخ الضابطين المتقنين ولا يعُتذر بالأخذ من المصاحف دون معلم، ومما يدل على ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم – وهو أفصح العرب لسانًا علمه جبريل – عليه السلام فما بالك بمن هو دونه من الأمة، وقد أكد النبي - صلى الله عليه وسلم – هذه السنة بسماعه من ابن مسعود - رضي الله عنه – وثناؤه عليه وكذلك قراءه على أبي بن كعب - رضي الله عنه – الذي أصبح أول إمام القراءات بعده - صلى الله عليه وسلم – فأخذت الأمة كلها عن أبيّ – رضي الله عنه – وغيره من الصحابة، وأخذ التابعون عن الصاحبة وهكذا إلى زمننا هذا. بل أمر النبي – صلى الله عليه وسلم – الصحابة أن يأخذوا القرآن على أربعة كما في الصحيحين وهم: عبد الله بن مسعود، وسالم مولى حذيفة، ومعاذ بن جبل، وأبي بن كعب _ رضي الله عنهم أجمعين –

فكان اعتمادهم _ رضي الله عليهم - في الحفظ على التلقي الشفاهي والسماع من النبي – صلى الله عليه وسلم – أو ممن سمعه من النبي – صلى الله عليه وسلم – ولا سيما القارئين المجيدين السالف ذكرهم وما كانوا يعتمدون في حفظه على المكتوب ولا على النقل من الصحف والمصاحف بعد كتابتها في عهد عثمان - رضي الله عنه -، وكذلك من جاء بعد الصحابة من التابعين وتابع التابعين ومن بعدهم كان اعتمادهم على التلقي الشفاهي من الشيوخ أو العرض والقراءة عليهم وهذا هو الغالب من شأنهم، ولا تزال هذه السنة في حفظ القرآن متبعة أو ملتزمة لدى القراء المجيدين إلى عصرنا هذا وبذلك بقيت سلسلة الإسناد متصلة بالقرآن الكريم.

وقد أفتى كثير من العلماء بعدم جواز التلقي من المصحف بدون معلم ومن هؤلاء:

1 – الشيخ: محمد الأنباتي الشافعي.

2 – الشيخ: محمد متولي الشافعي.

3 – الشيخ: حسن بن خلف الحسيني المالكي.

4 – الشيخ: عبد الهادي الأبياري.

5 – الشيخ: محمد البسيوني المالكي.

6 – الشيخ: مصطفى القلقاوي المالكي.

7 – الشيخ: عبد الحمن البحراوي الحنفي.

8 – الشيخ: أحمد الرافعي المالكي.

9 – الشيخ: أحمد المنصوري المالكي.

10 – الشيخ: أحمد شرف الدين المرصفي الشافعي.

11 – الشيخ: أبو المعطي الخليلي الحنفي.

12 – الشيخ: عامر عثمان.

وقد أجادمن قال:

من يأخذ العلم عن شيخ مشافهة ***** يكن عن الزيغ والتصحيف في حرم

ومن يكن آخذًا للعلم من مصحف ***** فعلمه عند أهل العلم كالعدم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير