تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[خلاف أهل السنة والجماعة مع الإباضية]

ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[15 - 08 - 08, 10:51 م]ـ

الحمد لله المُبينِ لعباده الحقِّ الساطع، وصلاةٌ وسلام على سيدنا محمّدٍ أولِ شافع، وعلى الآل والأصحاب وكلِّ تابع، إلى يومٍ نرى فيه الله جهرة كما يُرى البدرُ في ليلة العاشرِ بعد الرابع .. لا عدَمنا اللهُ أجر طاعة بعد معصية، ولا هدًى بعد ضلال، ولا توبة بعد فسق؛ ولا أرانا ما تنكره قلوبنا، ولا تُفتن به نفوسنا، ولا تضل به عقولنا ...

أما بعد: فإن أهل السنة والجماعة، المشهود لهم بالطاعة؛ مَن قرنوا العلم بالعمل، وزكّاهم خاتم الرسُل؛ قال: "خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"؛ فكان لهم دعاءً في صورة الخَبر، وُفّقوا به في قمع كل متنطع أو أشِر، وقفوا مع النص دون تمثيل، وفهموا معناه دون تكييف وتخييل؛ وأدوا ميراث النبوة للخلَف دون فاسد تأويل أو تجهيل، ولا قبيح تعطيل، رحمهم الله رحمة وسعت السماء والأرض وزادهم من منه وفضله الجزيل ...

إن بعض أبواب العلم أولَجنا بابه عَمَهُ الجهلة، حتى يظهر الحق – في القضاء السابق – وتقوم الحجة، ويُعذر المبلّغ، ويرفع الله من يشاء ويخفض .. من أمثال هؤلاء ناس خرجت عن حقيقة الدين إلى الزَبد، فأفسدت من حيث تظن أنها تصلح، واجتهدت فيما لم تتأهل فيه؛ فكفّرت المذنب، وكبّرت اللّمم، وجارت على من لم يجُر، وحكّمت كتاب الله دون علم، واستباحة دم المسلم، وطعنت في ثالث الراشدين ومن خلَفه، وهم في ذلك – والله - متنطّعةٌ غلَت .. ظهرت أول ما ظهرت بسبب التحكيم، الذي قاده خليفة المسلمين، بينه وبين معاوية أمين الوحي المجتهدِ الأمين، بعد موقعة صفّين .. طلبه معاوية فقبله السيدُ الرصين؛ اختار له الأول ابنَ العاص، والثاني الأشعريَّ أبا موسى رضي الله عنهم أجمعين .. فقام فريق من جند الأبي علي، تعصب - دون فقه – للرأي، وخطّأ التحكيم معلِّلا قائلا: التحكيم شكٌّ فيما قمنا بالحرب لأجله، وأن لا حكم إلا لله، وأنه كفرٌ يجب على الإمام التوبة منه، وتحمّسوا لرأيهم، ودفعهم التعصب إلى قسوة القلب – والعياذ بالله – فأجمعوا أمرهم - ولا إجماع – على الخروج – فكانوا خوارج – من الكوفة إلى حروراء – فهم حرورية – وقالوا باطلا: نحن شُراة؛ قال فينا تعالى: {ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضاة الله} رافعين الباطل بالحق ... فكانوا أول من تسمّى وبقى، وأول من انشق وأبق، وأول من خرج من الحق؛ فكانوا أولى بأوائل الطبري والعسكري والمزي والسيوطي .. جعلوا لأنفسهم مبادئ آتٍ بيانها، وغيرها يرجع إليها رجوع الفرع للأصل:

1 - صحة خلافة أبي بكر وعمر، وكذلك عثمان في أول ولايته، وكان يجب عزله عندما قدّم أقاربه؛

2 - صحة خلافة علي إلى وقت التحكيم، وكفَر لما أخطأ؛

3 - الخلافة يجب أن تكون باختيار المسلمين سواء كان قرشيا أو عبدا حبشيا، وليس من حق الإمام أن يتنازل أو يحكم بغير ما أمر الله وإلا وجب عزله؛

4 - العمل بأوامر الدين جزء من الإيمان، وكل من عصى الله كافر، والذنوب جميعها كبائر؛

5 - وجوب الخروج على الإمام الجائر، ولا يقولون بالتقية.

عرف الخوارج بالعبادة والزهد، يقومون الليل ويصومون النهار، وهم أشد الناس عبادة وأشدهم تعصبا وحماسة، ولعل هذا سبب قول علي فيهم: "لا تقاتلوا الخوارج بعدي فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فناله" وقول عمر بن عبد العزيز: "إني قد علمت أنكم لم تخرجوا لطلب دنيا أو متاع ولكنكم أردتم الآخرة فأخطأتم طريقها" ..

كفر غُلاتهم بإجماع، من مثل اليزيدية الذين قالوا ببعثة رسول جديد من العجم وبكتاب ناسخ للقرآن، وفرقة الميمونية الذين أباحوا نكاح بنات الأولاد وبنات أولاد الأخوة والأخوات، وأنكروا سورة يوسف من القرآن، وقالوا مُبطلين: تتغنى بالعشق والعاشق والمعشوق ... اندثروا مع من اندثر، ولله في مثل هؤلاء سنة تؤثر.

أقرب طوائفهم إلى الملة: فرقة الإباضية، ولعل هذا سبب بقائها إلى اليوم؛ حيث أسسوا مذهبهم على التسامح وخالفوا باقي الخوارج في مبادئ ..

ـ[إبراهيم الجزائري]ــــــــ[18 - 08 - 08, 10:02 ص]ـ

الإباضية هم أصحاب عبد الله بن إباض التميمي، عاش في النصف الثاني من القرن الأول الهجري، وقد أسس مذهبه على التسامح - زعم – وكان بحق أكثر الخوارج اعتدالا؛ وهذه مبادئه:

1 - أن مخالفيهم من المسلمين ليسوا مشركين ولا مؤمنين بل هم كفار نعمة لا عقيدة؛

2 - دماء مخالفيهم حرام في السر (من غير معركة) لا في العلانية، ودارهم دار توحيد ما عدا معسكر السلطان؛

3 - لا يحل من غنائم المخالفين في الحرب إلا الخيل والسلاح وما فيه قوة الحرب، ويردون الذهب والفضة إلى أصحابها؛

4 - لا يجوز قتال إلا بعد الدعوة وإقامة الحجة وإعلان القتال؛

5 - تجوز شهادة المخالفين ومناكحتهم والتوارث معهم؛

6 - مرتكب الذنب الذي جاء فيه وعيد مع الإيمان بالله ورسله كافر نعمة لا ملة؛

7 - أفعال العباد مخلوقة لله تعالى إحداثا وإبداعا ومكتسبة للعبد حقيقة لا مجازا.

هذه موبقاتهم السبع، وهناك سبع أُخر هي أقرب للفروع منها لأصول الديانة .. يتبع

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير