تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[امين حمدان]ــــــــ[19 - 08 - 08, 01:38 ص]ـ

المبحث الرابع

شبهة مخالفة الشيخ محمد بن عبد الوهاب

لابن تيمية وابن القيم في هذه المسألة

عرض ثم رد

يظن بعض الخصوم لهذه الدعوة السلفية أن ما قرره أئمتها من المكفرات، وعدوه من أنواع الشرك الأكبر، كالذبح لغير الله، والنذر لغير الله، والاستغاثة بغير الله .. وغيره من صرف بعض أنواع العبادة لغير الله، أنهم خالفوا بذلك ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – وتلميذه ابن القيم – رحمه الله -، فادعى هؤلاء الخصوم أن هذين الشيخين لم يدخلا الذبح لغير الله والنذر لغير الله والاستغاثة بالأموات ضمن الشرك الأكبر المخرج من الملة.

وحاول هؤلاء الخصوم التشبث بكل نص أو قول ينسب لابن تيمية أو لابن القيم يفهمون منه بناءً على تصورهم الفاسد، وإدراكهم الخاطيء مخالفة الشيخ الإمام لابن تيمية، وابن القيم في مسألة التكفير، وذلك لكي يقنعوا أنفسهم – ومن تبعهم من سواد الناس – أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب مخالف لسائر الأمة وعلمائها، حتى أنه خالف ابن تيمية وابن القيم، اللذين يكثر – ابن عبد الوهاب – من إيراد أقوالهما والنقل من كتبهما، ولقد أدت بهم هذه المحاولة الفاشلة إلى تحريف النصوص، وتبديلها، وسوء فهمها – كما سيأتي موضحاً -.

وسنورد أقوال هؤلاء الخصوم، وما نقلوه من نصوص للشيخين، محتجين بهما على مخالفة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لهما، ونقتصر على بعض الأمثلة التي أوردوها، ثم نتبعها بالرد والدحض.

يسوق ابن عفالق جواباً لابن تيمية في الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم … فكان مما قاله ابن تيمية – بناءً على نقله -:

(فإن كان الاستغاثة بمعنى أن يطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم ما هو اللايق لا ينازع فيها مسلم، ومن نازع في هذا المعنى فهو كافر إن أنكر ما يكفر، وإما مخطيء ضال) ().

ثم قال ابن عفالق: (فانظر هذا الكلام النفيس، وتأمل قوله: فإن كان الاستغاثة .. إلخ فهذا حال المنكر للتوسل به صلى الله عليه وسلم يدور بين الكفر والضلال، فكيف بمن أنكرها، وقال من قال يا رسول الله فهو كافر، ومن لم يكفره فهو كافر …) ().

ثم يقال ابن عفالق – منفراً عن دعوة الشيخ -: (والذي أوقع هذا الرجل في هذه الورطة العظيمة أنه ينظر في كتب ابن القيم فيأخذ منها ما وافق هواه، ويترك ما خالفه، ويأخذ من أول الفصل ويترك آخره …) ().

ويقول ابن عفالق – أيضاً -:

(عده – أي الإمام – قول البوصيري:

يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم

نوع من الشرك الأكبر، وهو كذب صراح إن كان ينقله عن العلماء، وإلا فهو افتراء منه وبهت، فإن ابن القيم مع تعصبه وخلافه لجميع الأمة في مثل هذا الباب عدّ هذا من الشرك الأصغر … انظروا كتبه كـ (شرح المنازل) في باب الشرك الأصغر، و (إغاثة اللهفان) ().

ونلاحظ أن سليمان بن عبد الوهاب في غالب رسالته في الرد على أخيه الشيخ الإمام، أراد أن يفصح عن مخالفة الشيخ الإمام لما كتبه ابن تيمية وابن القيم، فإن جلّ رسالته في سرد الأقوال والنقول للشيخين ... ، ثم يعقب تلك النقول بما يفهمه منها ويتوصل إليه تفكيره، بأن الشيخين لم يكفرا من ذبح أو نذر أو استغاث بغير الله ..

يقول سليمان بن عبد الوهاب:

(قال تقي الدين: النذر للقبور، ولأهل القبور، كالنذر لإبراهيم الخليل عليه السلام، أو الشيخ فلان نذر معصية لا يجوز الوفاء به وإن تصدق بما نذر من ذلك على من يستحقه من الفقراء أو الصالحين كان خيراً له عند الله وأنفع. ا. هـ.

فلوا كان الناذر كافراً عنده لم يأمره بالصدقة؛ لأن الصدقة لا تقبل من كافر، بل يأمره بتجديد إسلامه، ويقول له خرجت من الإسلام بالنذر لغير الله. قال الشيخ أيضاً: من نذر اسراج بئر أو مقبرة أو جبل أو شجرة أو نذر له أو لسكانه لم يجز، ولا يجوز الوفاء به، ويصرف في المصالح ما لم يعرف ربه. ا. هـ.

فلو كان الناذر كافراً لم يأمره برد نذره إليه، بل أمر بقتله، وقال الشيخ أيضاً: من نذر قنديل نقد للنبي صلى الله عليه وسلم صرف لجيران النبي صلى الله عليه وسلم. ا. هـ.

فانظر كلامه هذا، وتأمله، هل كفّر فاعل هذا، أو كفّر من لم يكفره، أو عد هذا في المكفرات هو أو غيره من أهل العلم كما قلتم أنتم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير