الأكبر ثم الأصغر، قال ومن أنواع الشرك، فظنه هؤلاء الجهلة أنه يقصد الشرك الأصغر، ولكن كما قال الشيخ الإمام:
(وأنت رحمك الله تجد الكلام من أوله إلى آخره في الفصل الأول، والثاني صريحاً لا يحتمل التأويل .. ) ()
وحتى تكتمل صورة هذا الرد، فإننا نسوق كلام ابن القيم – كما نقله الشيخ الإمام مختصراً.
(ومن أنواع هذا الشرك سجود المريد للشيخ، ومن أنواعه التوبة للشيخ فإنها شرك عظيم، ومن أنواعه النذر لغير الله، والتوكل على غير الله، والعمل لغير الله والإنابة، والخضوع، والذل لغير الله، وابتغاء الرزق من عند غيره … ومن أنواعه طلب الحوائج من الموتى والاستغاثة بهم، والتوجه إليهم. وهذا أصل شرك العالم. فإن الميت فد انقطع عمله، وهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً فضلاً لمن استغاث به. بل الميت محتاج إلى من يدعو له كما أوصانا النبي صلى الله عليه وسلم إذا زرنا قبور المسلمين أن نترحم عليهم ونسأل الله لهم العافية والمغفرة. فعكس المشركون هذا، وزاروهم زيارة العبادة وجعلوا قبورهم أوثانا تعبد، فجمعوا بين الشرك بالمعبود، وتغيير دينه ومعاداة أهل التوحيد ونسبتهم إلى تنقص الأموات، وهم تنقصوا الخالق بالشرك، وأوليائه المؤمنين بذمهم ومعاداتهم. وتنقصوا من أشركوا به غاية التنقص إذ ظنوا أنهم راضون منهم بهذا …
وما نجا من شرك هذا الشرك الأكبر إلا من جرد التوحيد لله وعادى المشركين في الله وتقرب بمقتهم إلى الله .. ) ()
ويورد الشيخ الإمام نصاً آخر لابن القيم مستدلاً به على تكفير المعيّن:
(وقال ابن القيم في (إغاثة اللهفان) في إنكار تعظيم القبور: (وقد آل الأمر بهؤلاء المشركين إلى أن صنف بعض غلاتهم في ذلك كتاباً سماه (مناسك المشاهد) ولا يخفى أن هذا مفارقة لدين الإسلام ودخول في دين عباد الأصنام) أ. هـ وهذا الذي ذكره ابن القيم رجل من المصنفين يقال له: ابن المفيد: فقد رأيت ما قال فيه بعينه، فكيف ينكر تكفير المعين) ().
ويرد الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين على تلبيس وخلط داود العراقي، فيقول رحمه الله:
(وقد أورد بعضهم أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ذكر كلاماً وحكايات تدل على أن دعاء الأموات ليس بشرك، كما ذكر أنه روى أن رجلاً جاء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فشكى إليه الجدب عام الرمادة. فرآه وهو يأمره أن يأتي إلى عمر بن الخطاب فيأمره أن يستسقي بالناس، وغير ذلك من الحكايات).
قال أبو بطين: (هذا تلبيس من الناقل، وكذب على الشيخ رحمه الله؛ لأنه إنما قال ذلك في سياق الكلام في بعض البدع، كتحري دعاء الله عند قبر النبي أو غيره) ().
ويكشف محمد بن ناصر التهامي تلاعب ابن جرجيس بنصوص الشيخين: ابن تيمية وابن القيم، فيقول رحمه الله:
(ذكر صاحب الرسالة – أي داود – أن الشيخ تقي الدين وتلميذه ابن القيم رحمهما الله لا يطلقون الكفر، والشرك على من اعتقد في القبور، واستغاث بالأموات، وأنهم قائلون بأن ذلك من باب كفر دون كفر، وقد أورد من كلامهما ما بتره من الأبحاث بنقل بعض ما في مؤلفاتهما مما هو فيه له مستند، ولا يستكمل البحث …) ().
ثم أورد التهامي نقولا للشيخين من كتبهم، منها ما ذكره ابن القيم في (شرح منازل السائرين) في نوعي الشرك: الأكبر والأصغر، ثم ذكر – بعده – قول ابن تيمية في رسالته السنية: (إن كل من غلا في نبي، أو رجل صالح، وجعل فيه نوعاً من الإلهية، مثل أن يقول: يا سيدي فلان أغثني، أو انصرني، أو ارزقني، أو اجبرني، أو أنا في حسبك ونحو هذه الأقوال. فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل. فإن الله تعالى إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب ليعبد وحده ولا يجعل معه إلهاً آخر .. ) ().
ثم قال التهامي - بعد إيراد تلك النصوص -:
¥