ـ[امين حمدان]ــــــــ[19 - 08 - 08, 01:42 ص]ـ
المبحث السادس
شبهة تنزيل آيات في المشركين على مسلمين
عرض ثم رد
يفتعل الخصوم شبهة أخرى، هي في حقيقتها لا تختلف عن أختها السابقة، فيدعون أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأتباعه من بعده، قد عمدوا إلى آيات من القرآن نزلت في المشركين، وخوطب بها الكفار – آنذاك – فحملها – أي الشيخ وأتباعه كما يدعون – على المسلمين، فجعلوا المسلمين مثل الكفار ..
هذه هي شبهتهم، مع ملاحظة أنهم يقصدون بالمسلمين – هاهنا – من يستغيث بالأموات، ويذبح للجن، وينذر للأولياء … فهم مسلمون – على حد ظنهم – ماداموا يعترفون بأن الله هو المؤثر، والفاعل وبيده النفع والضر .. ، وهم مسلمون – أيضاً – لأنهم ينطقون بالشهادتين، ولو وقعوا في تلك الشركيات.
وسنورد شبهتهم في ذلك .. ثم نتبعها بالرد والبيان.
يشير سليمان بن عبد الوهاب إلى تلك الشبهة، فيقول – مخاطباً أنصار الدعوة السلفية -:
(ولكن ليس هذا بأعجب من استدلالكم بآيات نزلت في الذين (إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون) () والذين يقال لهم (أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى) () والذين يقولون (أجعل الآلهة إلهاً واحداً) ()، ومع هذا يستدلون بهذه الآيات، وتنزلونها على الذين يشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقولون ما لله من شريك، ويقولون ما أحد يستحق أن يعبد مع الله …) ().
ويورد علوي الحداد تلك الشبهة فيقول:
(وأما ما استدل به من الآيات الكريمة على تكفير المسلمين كقوله تعالى (قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون) ().
وما بعدها من الآيات فهي إنما نزلت في حق الكفار المنكرين للقرآن والرسول فأي مناسبة بين المسلم والكافر) ().
ويدعي اللكنهوري تلك الدعوى فيقول:
(كما أن الخوارج طبقوا ما ورد في الكفّار والمشركين من الآيات على المسلمين المؤمنين، فكذلك هؤلاء الوهابيون يطبقون سائر تلك الآيات الواردة في المشركين على مسلمي العالم .. ) ().
ويزيد دحلان عن غيره – كعادته – الأكاذيب والشبهات، فيقول مستكثراً من تلك الشبهة:
(وعمدوا إلى آيات كثيرة من آيات القرآن التي نزلت في المشركين فحملوها على المؤمنين .. ) ().
ويقول في موضع آخر:
(وحملوا الآيات القرآنية التي نزلت في المشركين على خواص المؤمنين وعوامهم. كقوله تعالى: (فلا تدعوا مع الله أحدا) () وقوله تعالى: (ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون، وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) () .. حيث حملوها على المؤمنين، وأدخلوهم في عموم هذه الآيات) ().
ويقول دحلان في موضع ثالث، أثناء ذكره معتقد الشيخ الإمام:
(وتمسك في تكفير المسلمين بآيات نزلت في المشركين، فحملها على الموحدين) ().
وتلقف الزهاوي تلك الشبهة فرددها - كغيره - قائلاً:
(وحمل الآيات التي نزلت في الكفّار من قريش على أتقياء الأمة) () ثم قالها مرة أخرى: (فعمد إلى الآيات القرآنية النازلة في المشركين فجعلها شاملة لجميع المسلمين) ().
ويرددها ثالثة فيقول: (حملت الوهابية جميع الآيات القرآنية التي نزلت في المشركين على الموحدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم .. ) ().
ويسوق محمد نجيب سوقية هذا الشبهة بأسلوبه المعتاد من بذاءة اللسان وكثافة الجهل وانعدام الورع .. فيقول عن الوهابية:
(أما كفاها فجوراً فيما تدعيه، وتموه به على العامة من هذه الأمة بقولها أن جميع ما جاء في آي القرآن مما كان أنزل بحق المشركين والكافرين يحملونه على كافة المسلمين الموحدين، ليتني أدري عنهم هل وجدوا أحداً ينسب التأثير لشيء ما في الوجود إلا لله وحده لا شريك له … أو يعتقد أن يكون فاعلاً غير الله تعالى في هذا العالم …) ().
ويظهر في هذه الشبهة تلبيس الخصوم، وتمويههم على سواد الناس، حيث جعلوا عبّاد القبور مسلمين موحدين، لأنهم يعترفون بأن الله هو الفاعل دون غيره، ولذا فهم مسلمون – كما صرح بذلك (نجيبهم) سوقية!.
وقد أشار الشيخ عبد الله أبو بطين إلى خطر مقالة الخصوم، فقال رحمه الله:
¥