تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(ولكن شبه الجزيرة العربية ظلت ممتنعة على الفتح التركي بفضل صحرائها التي هلكت فيها عطشاً الجيوش التي وجهها السلطان سليمان سنة 1550 م) ().

فإذا كانت نجد - محل ظهور وانطلاق هذه الدعوة - ليست تحت سيطرة العثمانيين، فكيف ترد هذه الشبهة ويظن أن الشيخ قد خرج على دولة الخلافة؟.

واستكمالاً لهذا المبحث نذكر بعض جواب سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز على ذلك الاعتراض، يقول الشيخ عبد العزيز:

(لم يخرج الشيخ محمد بن عبد الوهاب على دولة الخلافة العثمانية - فيما أعلم وأعتقد -، فلم يكن في نجد رئاسة ولا إمارة للأتراك بل كانت نجد إمارات صغيرة وقرى متناثرة، وعلى كل بلدة أو قرية - مهما صغرت - أمير مستقل … وهي إمارات بينها قتال وحروب ومشاجرات، والشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يخرج على دولة الخلافة، وإنما خرج على أوضاع فاسدة في بلده، فجاهد في الله حق جهاده وصابر وثابر حتى امتد نور هذه الدعوة إلى البلاد الأخرى …) ().

ويجيب الشيخ محمد نسيب الرفاعي على من ادعى أن هذه الدعوة حركة انقلابية المراد منها خلع الخليفة العثماني، وإعادة الخلافة إلى العرب، فكان مما قاله:

(لم يكن ليخطر على بال الشيخ محمد بن عبد الوهاب أن ينقلب على خليفة المسلمين ولا مرّ بخاطره ذلك .. ولكن الملتفين حول الخليفة إذ ذاك من الطرقيين المتصوفة قلبوا له الأخبار، وشوهوها، ليوغروا صدر الخليفة عليهم، وحرضوه عليهم بحجة أنهم أهل حركة انقلابية على الخليفة نفسه، تقصد إرجاع الخلافة إلى العرب .. مع أن من صميم عقيدة الشيخ رحمه الله التي هي العقيدة الإسلامية الحقة أنه لا تنقض الأيدي من طاعة الخليفة القائم إلا أن يروا فيه كفراً بواحاً صراحاً، ولم ير الشيخ شيئاً من هذا حتى يدعو الناس إلى خلع الخليفة، حتى ولو كان الخليفة فاسقاً في ذاته، إن لم يصل فسقه إلى درجة الكفر البواح الصراح، فلا يجوز الانقلاب عليه، ولا الانتقاض على حكمه، وأن الشرع يخالف القيام على السلطان إلا في حالات الكفر البواح الصراح، حتى وإن الحركة – من أولها إلى آخرها – لم يكن للخليفة والخلافة أي علاقة في الدعوة ألبتة، حتى ولما استتب لهم الأمر في نجد والحجاز، أنهم انتقضوا على الخليفة، ولم يكن للخليفة ذكر قط في مراحل الدعوة .. ) ().

يتبين – من خلال النصّيْن السابقين – جانب من موقف الشيخ من دولة الخلافة فليس هناك عداء أو خصومة لدولة الخلافة.

ولذا يقول الدكتور عجيل النشمي:

(نستطيع القول باطمئنان أن كتابات الشيخ محمد بن عبد الوهاب ليس فيها تصريح بموقف عدائي ضد دولة الخلافة.

- يقول أيضا: ولم نعثر على أي فتوى له تكفر الدولة العثمانية بل حصر افتاءاته في البوادي القريبة منه التي كان على علم بأنها على شرك .. ) ().

بل – كما يقول النشمي – أن موقفه من دولة الخلافة هو موقف الناصح الآمر بالمعروف، المنكر لما يخالف الشرع دون أن يتعداه إلى الصدام المسلح، بل كان يتجنبه ويتحاشاه، كما هو واضح في موقفه من الأشراف الذين يحكمون الحجاز باسم دولة الخلافة. ويذكر النشمي بعض الأحداث التاريخية – في زمن الشيخ – التي تثبت ما كان عليه الشيخ الإمام من نبل الموقف، وتقدير العثمانية وإجلالها ().

ونورد خلاصة ما كتبه النشمي في هذا الموضوع، حيث يقول:

(فكانت سياسة الشيخ وموقفه تجاه الحجاز أنه لم يؤثر عنه طوال حياته تحريض أو استعداء أو دعوة لحربها، أو الاستيلاء عليها لشعوره أن ذلك الفعل قد يسفر على أنه خروج على دولة الخلافة.

لم تحرك دولة الخلافة ساكناً، ولم تبدر منها أية مبادرة امتعاض، أو خلاف يذكر رغم توالي أربعة من سلاطين آل عثمان في حياة الشيخ .. ) ().

إذا كان - ما سبق - يعكس تصور الشيخ لدولة الخلافة، فكيف كانت صورة دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لدى دولة الخلافة؟

يقول د. عجيل النشمي مجيباً على هذا السؤال:

(لقد كانت صورة حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب لدى دولة الخلافة صورة قد بلغت من التشويه والتشويش مداه، فلم تطلع دولة الخلافة إلا على الوجه المعادي لحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب، سواء عن طريق التقارير التي يرسلها ولاتها في الحجاز، أو بغداد، أو غيرهما .. أو عن طريق بعض الأفراد الذين يصلون إلى الآستانة يحملون الأخبار) ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير