ومن الذين يعذبون في قبورهم، وأخبر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم: الجبارون، والمتكبرون، والمراءون، والهمازون، واللمازون، والطعانون على السلف، والذين يأتون الكهنة والمنجمين والعرافين فيسألونهم ويصدقونهم، وأعوان الظلمة الذين باعوا آخرتهم بدنيا غيرهم، ونحو هؤلاء، ممن يشتغل بذنوب الناس عن ذنبه، وبعيوبهم عن عيبه، فكل هؤلاء وأمثالهم يعذبون في قبورهم بهذه الجرائم بحسب كثرتها، وقلتها، وصغرها، وكبرها، ولما كان أكثر الناس كذلك: كان أصحاب القبور معذبين، والفائز منهم قليل، فظواهر القبور تراب، وبواطنها حسرات وعذاب، فنسأل الله تعالى العافية، والرحمة، والعفو، والغفران، وبالله الإعانة، والعون.
" لوامع الأنوار البهية " (2/ 19).
وفي جوابي السؤالين (45325 ( http://www.islam-qa.com/ar/search/45325/AllWords/t,q,a) ) و (46068 ( http://www.islam-qa.com/ar/ref/46068) ) تجد ذِكر الأسباب المفصلة لعذاب القبر.
وأما المسألة الثالثة: ففيها احتمالان:
1. الأول: أن المسلم يرى مقعده في الجنة باعتباره ليس كافراً، وأن مصيره إليها، لكن هذا لا يعني أنه لن يعذَّب في قبره إن شاء الله تعذيبه.
فنحن نجزم بصحة ما أخبرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم من وجود من يُعذَّب في قبره من المسلمين إلى يوم القيامة، كمثل آكل الربا الذي رآه صلى الله عليه وسلم يسبح في نهر من الدم، وكمثل الزناة والزواني الذين رآهم صلى الله عليه وسلم في تنور يصرخون، وغير هؤلاء، ونجزم أن مصير هؤلاء إن كانوا مسلمين هو الجنة في نهاية الأمر.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: (إِذَا مَاتَ أَحَدُكُمْ عُرِضَ عَلَى مَقْعَدِهِ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ، إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَمِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَيُقَالُ: هَذَا مَقْعَدُكَ حَتَّى يَبْعَثَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).
رواه البخاري (1379) ومسلم (2866).
قال ابن حجر – رحمه الله -:
قال القرطبي: وهذا في حق المؤمن والكافر واضح، فأما المؤمن المخلِّط: فمحتمل في حقه أيضاً؛ لأنه يدخل الجنة في الجملة.
" فتح الباري " (3/ 243).
وقال الشيخ أبو الحسن عبيد الله بن العلامة محمد عبد السلام المباركفوري:
ويكون عرض المقعدين على كل واحد من المؤمن المخلص والكافر والمؤمن المخلط؛ لأنه يدخل الجنة في الجملة، فيرى مقعده في الجنة، فيقال له: هذا مقعدك وستصير إليه بعد مجازاتك بالعقوبة على ما تستحق.
" مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " (1/ 222).
2. والثاني: أنه يمكن أن يقال: إن عرض مقعد الجنة على المؤمن المخلِّط، أو المسلم الفاسق هو لإخباره بأن هذا مقعدك في قبرك لولا أنك أذنبت، واستحققت العذاب، ويُعرض عليه مقعده من النار ويقال له: هذا بسبب ذنوبك.
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله -:
فعلى هذا: يحتمل في المذنب الذي قُدِّر عليه أن يعذب قبل أن يدخل الجنة أن يقال له – مثلاً - بعد عرض مقعده من الجنة: هذا مقعدك من أول وهلة لو لم تذنب، وهذا مقعدك من أول وهلة لعصيانك، نسأل الله العفو والعافية من كل بلية، في الحياة، وبعد الموت، إنه ذو الفضل العظيم.
" فتح الباري " (11/ 366).
فالله أعلم بما يكون من ذلك، ونسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهل اليمين، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islamqa.com/ar/ref/121628 (http://www.islamqa.com/ar/ref/121628)
ـ[ابو عبد الرحمن الفلازوني]ــــــــ[19 - 08 - 08, 07:20 م]ـ
جزاكم الله خيرا" شيخنا احسان ,ونفعنا الله بعلمكم
ـ[ابو رمثة]ــــــــ[19 - 08 - 08, 08:01 م]ـ
نسأل الله العفو والعافية اللهم تجاوز عن هفواتنا وجميع المسلمين
ـ[العوضي]ــــــــ[19 - 08 - 08, 10:40 م]ـ
بارك الله فيك على نقلك لهذه الفتوى
وحقيقة فالشيخ محمد صالح المنجد في ألبومه نعيم الجنة وعذاب النار (18) شريطاً ذكر الكثير من المسائل المهمة بأسلوب سهل ومفهوم كعادة الشيخ - حفظه الله -
ـ[إحسان العتيبي]ــــــــ[20 - 08 - 08, 02:04 ص]ـ
جزاكم الله خيراً
وتجاوز عنا وعنكم