تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[كيف نفهم (من يضلل الله)؟]

ـ[أبو دوسر]ــــــــ[24 - 08 - 08, 11:43 م]ـ

الأخوة الأحبة:

كيف نفهم ما يقوله الخطباء في مقدمة كل خطبة (ومن يضلل الله فلا هاديء له)؟

كيف يعاقبه الله والله هو الذي أضله؟

ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[25 - 08 - 08, 02:49 ص]ـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه

أما بعد:

فإن الله تعالى يهدي من يشاء فضلاً منه ورحمة، ويضل من يشاء عدلاً وحكمة

والله تعالى عليم حكيم، وحقٌّ عدْلٌ لا يظلم أحداً مثقال ذرة

فمن آمن بذلك وأيقن به كفاه وشفاه، وإن خفيت عليه مسائل ومسائل

وذلك لما وقر في قلبه من الإيمان بالله وبأسمائه وصفاته وعدله وحكمته

ومن كان حاله كذلك رُجيَ له أن يوفق لمعرفة ما أشكل عليه، وأن يُفهمه الله ما ضلت عنه أفهام المعاندين والمخاصمين الذين يجادلون بالباطل ليدحضوا به الحق

وإن خفي عليه وجه الحكمة بعد ذلك لم يضره ذلك لما وقر في قلبه من التسليم والانقياد الذي لا حرج معه

وكان بعض السلف إذا وردت عليهم مسائل مشكلة يدعون الله أن يعلمهم ويفهمهم

كما كان بعضهم يقول: اللهم يا معلم آدم وإبراهيم علمني، ويا مفهم سليمان فهمني.

ومنهم من يهرع لكثرة الاستغفار، فلا يلبثون حتى تنجلي عنهم الشبهة ويتبين لهم الحق لا لبس فيه، يؤمنون به إيماناً تاماً، ويوقنون به يقيناً صادقاً، لا يرتابون فيه

قد اطمئنت قلوبهم، وسلمت صدورهم، وعصمهم الله بتوفيقه من الزيغ والضلال.

هذه المقدمة لم أكتبها عبثاً، وإنما هي مهمة لكل من يستشكل شيئاً مما جاءت به الشريعة، ولا سيما أمور الاعتقاد، ومسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل.

وقد تكون أهم من الجواب المباشر للسؤال لأن نفعها يتعدى لكل ما يستشكله طالب العلم من المسائل.

فإن من المستشكلين من تعرض له شبهة يكفي لكشفها أدنى بيان، فلا يزال يفتن بها وتكبر في نفسه حتى تبلغ به مبلغاً عظيماً ....

نسأل الله السلامة والعافية.

وأما ما سألت عنه

فجوابه أن تعلم أن الله عليم حكيم قد وسع علمه كل شيء، فيعلم ما كان، وما سيكون، وما لم يكن لو كان كيف يكون

كما قال تعالى: (ولو علم الله فيهم خيراً لأسمعهم)

وقال: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه)

وقال: (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير)

وقضاء الله عز وجل عن علم وقدرة وحكمة

فيضل من عباده من سبقت له سابقة الشقاء لما علم الله في قلبه من الزيغ والعصيان

كما قال تعالى: (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم)

وقال: (ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع الخالفين).

فإضلال العبد يأتي عقوبة له على سوء فعله، وإعراضه عن طاعة ربه، واتباعه لهواه فيما يسخط الله كما في الصحيح من حديث ابي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً أن الله تعالى قال: (خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين)

فإضلال الله تعالى لمن يضل من عباده قائم على العدل والحكمة، ومجازاته بما يستحقه.

وقد بين الله لنا في كتابه الكريم أسباب الإضلال كما بين لنا أسباب الهداية

فقال تعالى: (إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله)

وقال: (ويضل الله الظالمين)

وقال: (والله لا يهدى القوم الفاسقين)

وقال: (كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب)

ونحو ذلك من الآيات التي بين الله لنا فيها أسباب الضلال

وبيان الله لذلك هو من رحمته جل وعلا بعباده حتى يجتنبوا تلك الأسباب، ولذلك تجد المؤمنين معظمين لأوامر ربهم ونواهيه، يخافون من ارتكاب أسباب سخطه وعقابه.

وهذا يدل على أن العبد تسَعُه من حيث الإمكان الطاعة والمعصية

لأن توجيه الأمر للعبد وتحذيره من فعل بعض الأعمال دليل على أن للعبد قدرة واختيارا على فعلها و تركها

فمن عصى عن علم وقدرة واختيار استحق العقوبة

ولو تخلف أمر من هذه الأمور لم يعاقَب لأن الله عدل رحيم لا يؤاخذ بالذنب من لا يعلم به، ومن لا اختيار له كالمكره ونحوه، ومن فعل المعصية نسياناً وخطأً

قال تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) فهذا شرط العلم، وضده الجهل

وقال: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا) وهذا دليل عدم المؤاخذة بالخطأ والنسيان.

وقال: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) وقال: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)

فهذا دليل عدم مؤاخذة المكره ومن لا يقدر على فعل ما أمر به.

فالعبد الضال قد ارتكب أسباب الضلال فأضله الله

ولو أنه أطاع ربه لما أضله الله

كما قال جل وعلا: (ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لهم وأشد تثبيتا وإذا لآتيناهم من لدنا أجراً عظيماً ولهديناهم صراطاً مستقيما)

وقال جلا وعلا: (ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون)

وقال: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون)

اللهم اهدنا إليك صراطاً مستقيما، واعصمنا برحمتك من الزيغ والضلال، واغفر لنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير