تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إنسان العزم والتوكل، إذا عزم على التنفيذ توكل على الله تعالى، وفي ذلك تحديد للمسؤوليات، فالإنسان مسؤول على الأخذ بالأسباب، أما النتائج فإنه يعلقها على الله تعالى. ومن ثم فإن الدعم الذي يقدمه التوكل للإنسان لا حدود له، إذ إنه يشجع الإنسان على المضي في العمل، متى أخذ بالأسباب الكافية والمناسبة، دون تخوف من النتائج والعواقب لأنه يعلم أنه مجازى على العمل، وغير مسئول عن النتائج. فإذا جاءت النتائج إيجابية حمد الله على التوفيق، وشكر النعمة بتعميمها على الخلق باعتبارهم عيال الله، وإذا جاءت النتائج سلبية علم أنه ابتلاء أوعقاب، فعمل على مراجعة أعماله، من حيث الإعداد والأخذ بالأسباب، وراجع سلوكاته كلها.

إنه إنسان يأخذ بمبدأ التقييم والتقويم:

(حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا)

مأثور عن عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ

سنن الترمذي ج8، ص 499.

وذلك للوقوف على الايجابيات والعمل على تقويتها، والسلبيات والعمل على تلافيها، والبحث عن البديل الأكفى.

إنه إنسان يؤمن بالقضاء والقدر، وأن الخير فيما اختاره الله، وأن المؤمن مصاب، وأن الإنسان لو اطلع على الغيب لاختار الواقع، وأن (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ) (الرعد: من الآية38). إنها عناصر دعم نفسي مهمة جدا في حالة الفشل وعدم إدراك الهدف، حتى لا يتحول هذا الفشل إلى إحباط وانكسار، وفقدان ثقة في النفس، مما يكون له عواقب مدمرة على الفرد والجماعة.

إن هذه العناصر المدعمة لا ينبغي أن تتحول إلى تبرير الفشل، والانتقال إلى التواكل، حيث يسقط الأخذ بالأسباب، وينزع الإنسان إلى التكاسل، وهو من أبرز علامات الانحطاط الحضاري، ومن أهم أسباب انكسار المسلمين اليوم، وذهاب شوكتهم. أو إلى نقل الفاعلية من الإنسان الحي إلى الإنسان الميت، كالتعلق بالأولياء والصالحين، و الاعتقاد أن بيدهم مقاليد الكون يصرفونها وفق إرادتهم، لما لهم من مكانة خاصة عند الله. فسورة الفاتحة تبين أن التوكل يتعين أن يكون على الله، و أن الاستعانة لا تستمد إلا منه سبحانه، ثقة في علمه و قدرته. فلا واسطة بين الحق و الخلق إلا العمل الصالح كما بين ابن تيمية (ت 728 هـ) ـ رحمه الله ـ في رسالته الشهيرة الواسطة بين الحق و الخلق.

إن سورة الفاتحة تضمنت مقاصد القرآن الثلاث على وجه الإجمال، وهي:

1 - إقرار العقيدة: حيث عملت سورة الفاتحة على إقرار مبدأ التوحيد، فالله تعالى متفرد بالخلق، ومتفرد بالرعاية لكافة مخلوقاته، فهو سبحانه المتكفل بالرزق، ومن ثم وجب عقلا وشرعا أن يكون متفردا بالعبادة، وبذلك جمعت السورة بين توحيد الربوبية وتوحيد العبودية، كما تضمنت الإشارة إلى أحد أركان الإيمان ألا وهو البعث والنشور.

2 - إقرار التكاليف: من ضمن المقاصد التي ركزت عليها سورة الفاتحة إقرار العبودية لله تعالى، والعبادة هنا وردت مطلقة ـ بمعناها العام ـ الذي يفيد كل أمر يصدر عن الله تعالى بالفعل أو الترك سواء تعلق الأمر بالعبادات أم المعاملات،فإذا أقامه العبد فقد أقام العبادة لله.

إن العبادة بهذا المفهوم الشمولي تفيد تعبيد الحياة كل الحياة لله رب العالمين، وذلك تحقيقا لمبدأ الاستخلاف حيث يسعى الإنسان إلى عمارة الأرض وابتغاء وجه الله.

3 - إقرار مبدأ المسؤولية: إن هذه السورة الكريمة تبين أن الحياة تقوم على مبدأ المسؤولية، فالإنسان حر في تصرفاته، ولكنه مسؤول مسؤولية مزدوجة أمام الخالق والخلق.

أما المعاني التي تضمنتها سورة الفاتحة فهي كثيرة، منها ما هو مصرح به، ومنها ما هو ضمني، أو يستفاد من دلالة السياق، أو عن طريق مفهوم المخالفة، أو غيرها من عوامل استخراج المعنى، لذلك فإنه يصعب علينا تحديد معانيها على وجه الاستقصاء، ومن ثم فإنني سأحاول الوقوف على أبرز المعاني التي تضمنتها هذه السورة الكريمة، والتي يمكننا إجمالها في ما يلي.

1 - توحيد الربوبية.

2 - توحيد العبودية.

3 - الثناء على الله تعالى.

4 - الهداية.

5 - الثبات على الإيمان.

6 - قصص الأمم السابقة.

7 - المصير والمآل.

8 - إثبات النبوة.

9 - المسؤولية والجزاء.

10 - الآداب والسلوك (سيرة الصالحين).

11 - الاعتصام بالله، وإخلاص الدين له.

وبالله التوفيق.

و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

ـ[أحمد بزوي الضاوي]ــــــــ[25 - 04 - 07, 03:24 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الإخوة الأفاضل: السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

أما بعد، فإني أحمد الله إليكم أن وفقنا للاجتماع على مائدة القرآن دراسة و تدبرا. سائلين الله تعالى أن يوفقنا للفهم الصحيح، و العمل الصالح، الخالص لوجه الله الكريم.

ونورد هنا نصا لابن كثير (ت 774 هـ) ـ رحمه الله ـ: " و هي سبع آيات بلا خلاف. و قال عمرو بن عبيد (ت 143هـ) ثمان. وقال حسين الجعفي (ت 203هـ) ستة، و هذان القولان شاذان. و إنما اختلفوا في البسملة هل هي آية مستقلة من أولها بالكلية كما هو قول أهل المدينة من القراء و الفقهاء على ثلاثة أقوال كما سيأتي تقريرها في نوضعه ـ إن شاء الله تعالى و به الثقة.

وقالوا و كلماتها خمس و عشرون كلمة و حروفها مائة و ثلاثة عشر حرفا "

" تفسير ابن كثير 1/ 9 طبعة دار الفكر، بيروت "

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير