تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أحسن الوحدة والتقارب هو مع عوام الشيعة المقهورين، المضطهدين تحت مطارق: الوصاية المرجعية، والخمس، والمتعة. والمقيدين بكافة القيود .. هؤلاء أقرب للوحدة مع السنة، أما الآيات فهؤلاء كثيرهم – ولا أقول كلهم - لا يبتغون وحدة، إلا بالقدر الذي يضمن لهم مكاسب جديدة.

نرجو إن يكون هذا التفريق بين فئات الشيعة مفهوما، فما نحن بالذين نكفرهم بالعموم، ولا نكفر الأعيان منهم إلا بأن يواقع كفرا براحا بواحا، وليسوا كلهم يواقعونه .. وإلا بعد إقامة الحجة.

كذلك ما نحن بالذين لا نبتغي التقارب والوحدة، لكن نريدها بأسس صحيحة، صادقة، مخلصة، في وضوح كامل، ليس فيها غبش ولا كذب، ولا إنكار ما هو معروف بالضرورة. والحاصل أن هذه الشروط مفقودة حتى الآن، لم نجد ما يجذب، ولا ما يغري .. وجدنا العكس: مرارة، وألم، ومصائب.

لكن الشيعة أجادوا طرح فكرة الوحدة، في فترة الغزو الأمريكي الصهيوني للمنطقة، فصار الناس بين منطقين، فرضت عليهم فرضا، لم تقبل الجدل، هما: إما أن نكون في وحدة معا؛ السنة والشيعة، وإلا فنحن معرضون للاحتلال جميعا.

وهي نظرية في أصلها صحيحة بشروطها، والوحدة قوة، وإذا تشتت القوة، فالهزيمة لاحقة. لكن .. وكلمة "لكن" الاستثنائية دائما ما تستعمل لتكشف جوانب مغيبة في القضية، والمغيب هنا:

أية وحدة هذه التي توقف الهزيمة؟.

آلوحدة ظاهرا، وفي الباطن يلعن بعضهم بعضا؟.

أم الوحدة التي تستفيد منها طائفة، وتخسر بها طائفة؟.

أم التي تتسلط بها أقلية على أكثرية، تتسلل إلى مواقع النفوذ، لتطوع مصير أمة لأهدافها الخاصة؟

هناك وحدتان:

- حقيقية، لها أسسها، التي توحد ما بين الظاهر والباطن، فلا تكون هناك مواقف معلنة، ومواقف غير معلنة. ويكون عمادها: العدل. فلا يساوى بين قليل وكثير. وأسس أخرى ..

- وحدة شعارات، نتيجتها ما حصل في: إيران، والعراق، ولبنان.؟!.

هيمنة شيعية كاملة في إيران، مع إهمال لحقوق السنة، واضطهاد متواصل، لم يكن آخرها الاعتقالات الجارية بسبب احتفال السُّنة بالعيد يوم الثلاثاء لا الخميس، ذلك أن الشيعة دائما ما يحتفلون بأعياد الإسلام بعد السُّنة مخالفين، حتى الأضحى الذي لا يختلف عليه المسلمون، يحتفلون به في الحادي عشر من ذي الحجة، مع التذكير بأنهم يحتفلون في إيران بعيد النوروز المجوسي سبعة أيام كاملة.

وهيمنة شبه كاملة في العراق، ومحاولة في لبنان لاقت نجاحا مؤخرا، بضمان الثلث في مجلس النواب، بعد فرض قسري جبري بالسلاح، واحتلال مواقع السنة في بيروت، وتهديد مباشر بالحرب.

فاسألوا السنة في هذه البلدان – يا أستاذ فهمي والعوا – ماذا يعانون من فئة في هذه الطائفة، هي التي تعولون عليها، لكنها تخذلكم على الدوام؟.

إن أردتم أن تعرضوا عما في التراث، فأعرضوا كيفما شئتم .. لكن كيف يمكنكم الإعراض، وأنتم تتحدثون باسم السنة، عن واقع مرّ مؤلم يحيق بالسنة، ليس في موقع بل مواقع كثيرة، إلا إن كنتم لازلتم تنكرونها.؟!!.

فالدكتور العوا ينكر التشييع في مصر، على قناة الحوار، وفي الأثناء يثبت وجوده على نطاق ضيق .. حسنا، فهذا النطاق الضيق أليس بداية، وهل النار إلا من مستصغر الشرر .. ؟.

ماذا يريد العوا حتى يفهم ما فهمه شيخه وأستاذه؟! .. هل يريد للنسبة أن ترتفع حتى تبلغ 20% حتى يدرك الخطر؟، أم يريدها 50%؟، أم سيقول حينذاك لا بأس من التعبد بالمذهب الجعفري؟.

ألم يستوقفه أن هؤلاء الذين وثق بهم، أنهم لا يقولون – ألبتة - بجواز التعبد بإحدى المذاهب السنية؟.

الحق أقول: إن تقييمي لموقف هؤلاء السنة، مع كل الدلائل الحية والثابتة والواضحة بالعين المجردة، في تحسين الوحدة والتقارب: أنهم إما غائبون عن وعيهم. أو أنهم يتكئون على نظرية خاطئة؛ هي أن الوحدة مطلوبة بأية صورة كانت، ولو كان متناقضة. أو نظرية أخرى خاطئة كذلك؛ هي أن الموقف المناهض للتشيع، والمبين للخلاف سيوقد حربا، وتلك دعوى أطلقها الشيعة وصدقها بعض السنة، وهي كاذبة، فعلى مر التاريخ علماء السنة ينتقدون ويعترضون على الشيعة، حتى هذا العصر تبنى السلفيون نقد الشيعة منذ فترة مبكرة، وحذروا في كتابات وكتب معروفة، لكن لم يحدث قط، أن دعوا إلى حربهم، بل لم تقع حرب جراء ذلك ألبتة.

ثم هؤلاء المؤمنون بهذه النظرية هم أنفسهم في مواطن أخرى، يؤمنون بحرية الرأي واختلافه، ووجوب النقد والاعتراض، لكن بالكلمة والأدب، ثم إذا جاءوا إلى مسألة الشيعة لم يقبلوا إلا رأيهم، فصاروا مستبدين، مانعين للرأي الآخر .. فما نقول في هذا؟.

في كل حال، ليست الفتنة في النقد، إنما الفتنة في السكوت .. والنقد وبيان صورة الأمر خدمة للحقيقة، وبيان الحقيقة عمل جليل، يؤمن به كل كريم عاقل .. وإذا كانت السكوت طمس للحقيقة وتغييب، فإن تحريفها إضلال وإفساد في الأرض.

فلا بد أن نفك من الأذهان، الربط بين الفتنة والنقد ببيان الحقيقة، فهذه ليست فتنة، إلا في ذهن من استولى عليه الوهم، أو يرفعها شعارا يتكسب بها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير