تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويعقب الشيخ سليمان على كلام ابن تيمية هذا فيقول: «لو كان الناذر كافراً عنده لم يأمره بالصدقة، لأن الصدقة لا تقبل من الكافر؛ بل يأمره بتجديد إسلامه، ويقول له خرجت من الإسلام بالنذر لغير الله».

وقال الشيخ- أيضا- أي ابن تيمية: «من نذر إسراج بئر أو مقبرة أو جبل أو شجرة، أو نذر له أو لسكانه لم يجز ولا يجوز الوفاء به، ويصرف في المصالح»، فلو كان الناذر كافراً، يقول الشيخ سليمان، لم يأمره ابن تيمية برد نذره إليه، بل أمره بقتله».

وأما الذبح لغير الله، فقد ذكره ابن القيم في المحرمات ولم يذكره في المكفرات، إلا أن ذُبح للأصنام أو لما عُبد من دون الله كالشمس والكواكب، كما أن أهل العلم ذكروا ما أهل به لغير الله، ونهوا عن أكله ولم يكفروا صاحبه، يقول ابن تيمية: «كما يفعله الجاهلون بمكة شرفها الله تعالى من الذبح للجن، ولذلك نهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عن ذبائح الجن»، ولم يقل الشيخ ابن تيمية، من فعل هذا فهو كافر، بل من لم يكفره فهو كافر، كما قلتم أنتم!

وأما السؤال من غيرالله، يقول الشيخ سليمان بن عبد الوهاب، فقد فصّله الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله، إن كان السائل يسأل من المسؤول مثل غفران الذنوب وإدخال الجنة والنجاة من النار وإنزال المطر وإنبات الشجر، وأمثال ذلك مما هو من خصائص الربوبية، فهذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل، ولكن الشخص المعين الذي فعل ذلك لا يكفر حتى تقوم عليه الحجة .. والآن أنتم تكفرون بالسؤال وحده.

وأما التبرك والتمسح بالقبور وأخذ التراب منها والطواف بها، يقول الشيخ سليمان، فقد ذكره أهل العلم «فبعضهم عدّه في المكروهات، وبعضهم عده في المحرمات، ولم ينطق واحد منهم بأن فاعل ذلك مرتد كما قلتم أنتم، بل تكفرون من لم يكفر فاعل ذلك. وعلى تقدير هذه الأمور التي تزعمون أنها كفر، أعني النذر وما معه، فهنا أصل آخر من أصول أهل السنة، مجمعون عليه، كما ذكره الشيخ تقي الدين وابن القيم نقلا عنهم، وهو أن الجاهل والمخطئ من هذه الأمة، ولو عمل من الكفر والشرك ما يكون صاحبه مشركاً أوكافراً، أنه يُعذر بالجهل والخطأ حتى تتبين له الحجة التي يُكفر تاركها».

ويشير الشيخ سليمان إلى أصل آخر وهو «أن المسلم قد تجتمع فيه المادتان: الكفر والإسلام، والكفر والنفاق، والشرك والإيمان، وأنها تجتمع فيه المادتان ولا يكفر كفراً ينقل عن الملة في مذهب أهل السنة.

واعلم أن أول فرقة فارقت الجماعة «الخوارج»، الذين كفروا عليا وعثمان ومعاوية ومن معهم، واستحلوا دماء المسلمين وأموالهم وجعلوا بلاد المسلمين بلاد حرب، وبلادهم هي بلاد الإيمان، ويزعمون أنهم أهل القرآن، ولا يقبلون من السنة النبوية إلا ما وافق مذهبهم، ومن خالفهم وخرج من ديارهم فهو كافر، ويزعمون أن علياً والصحابة رضي الله عنهم أشركوا بالله، ولم يعملوا بالقرآن، ويستدلون لمذهبهم بمتشابه القرآن، وينزلون الآيات التي نزلت في المشركين المكذبين في أهل الإسلام. ومع هذه الأمور الهائلة والكفر الصريح الواضح وخروجهم عن المسلمين، يلاحظ الشيخ سليمان، قال لهم علي رضي الله عنه لا نبدؤكم بقتال ولا نمنعكم من الفيء ما دامت أيديكم معنا

ثم إن الخوارج اعتزلوا، وبدؤوا المسلمين- الإمام ومن معه- بالقتال، فثار عليهم علي رضي الله عنه، وجرى على المسلمين منهم أمور هائلة يطول وصفها ومع هذا كله، يقول الشيخ سليمان، لم تكفرهم الصحابة ولا التابعون ولا أئمة الإسلام، ولا قال لهم عليٌ ولا غيره من الصحابة، قامت عليكم الحجة وبينا لكم الحق، وقال الشيخ ابن تيمية «لم يكفرهم عليٌ ولا أحد من الصحابة ولا أحد من أئمة أهل الإسلام، فانظر رحمك الله إلى طريقة أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعل الله يهديك إلى اتباع سبيل المؤمنين، وينبهك من هذه البلية التي تزعمون الآن أنها السنة، وهي والله طريقة القوم- أي طريقة الشيخ محمد بن عبدالوهاب- لا طريقة علي ومن معه، رزقنا الله اتباع آثارهم!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير