تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم يعلق الشيخ سليمان قائلا لاتباع شقيقه: «عليك تأمل هذا، وقولكم فيمن خالفكم، فهو كافر ومن لم يكفره فهو كافر. فبالله عليكم انتهوا عن الخنا وقول الزور واقتدوا بالسلف الصالح وتجنبوا طريق اهل البدع». - الخنا: الفحش في الكلام.

وينقل عن الشيخ ابن تيمية: «ومن البدع المنكرة تكفير الطائفة وغيرها من طوائف المسلمين واستحلال دمائهم واموالهم، وهذا عظيم لوجهين، احدهما ان تلك الطائفة الاخرى قد لا يكون فيها من البدعة اعظم مما في الطائفة المكفرة لها. الثاني، انه لو فرض ان احدى الطائفتين مختصة بالبدعة والاخرى موافقة للسنة لم يكن لهذه السنية ان تكفر كل من قال قولا اخطأ فيه، فإن الله تعالى قال: ?ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو اخطأنا». وثبت في الصحيح عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قد قال (سبحانه) فعلتُ».

ثم يقول الشيخ سليمان: «فيا عباد الله تنبهوا وارجعوا الى الحق وامشوا حيث مشى السلف الصالح، وقفوا حيث وقفوا، لا يستفزكم الشيطان ويزين لكم تكفير اهل الاسلام وتجعلون ميزان كفر الناس مخالفتكم، وميزان الاسلام موافقتكم. فإنا لله وإنا إليه راجعون .. اتقوا الله، خافوا ذا البطش الشديد، لقد آذيتم المؤمنين والمؤمنات .. والله ما لعباد الله عند الله ذنب الا انهم لم يتبعوكم على تكفير من شهدت النصوص الصحيحة باسلامه واجمع المسلمون على اسلامه، فإن اتبعوكم اغضبوا الله تعالى ورسوله وان عصوا آراءكم حكمتم بكفرهم وردتهم، وقد روي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) انه قال: «لست اخاف على امتي غوغاء تقتلهم ولا عدوا يجتاحهم ولكن اخاف على امتي ائمة مضلين ان اطاعوهم فتنوهم وان عصوهم قتلوهم».

ثم يقول الشيخ سليمان: «جميع علماء اهل السنة، لم يُلزم احد منهم الناس الاخذ بقوله، وانتم تكفرون من لا يقول بقولكم ويرى رأيكم. سألتكم بالله أأنتم معصومون فيجب الاخذ بقولكم؟ فإن قلتم لا، فلم توجبون على الامة الاخذ بقولكم؟ أم تزعمون انكم ائمة تجب طاعتكم، فأنا اسألكم بالله: هل اجتمع في رجل منكم شروط الامامة التي ذكرها اهل العلم أو حتى خصلة واحدة من شروط الامامة؟ بالله عليكم انتهوا واتركوا التعصب، هبنا عذرنا العامي الجاهل الذي لم يمارس شيئا من كلام أهل العلم، فأنت ما عذرك عند الله اذا لقيته؟ بالله عليك تنبه واحذر عقوبة جبار السماوات والأرض، فقد نقلنا لك كلام العلم واجماع اهل السنة والجماعة الناجية، وسيأتيك ان شاء الله ما يصير سبباً لهداية من اراد الله هدايتهش.

قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية «في كتاب الايمان»، فيما ينقل الشيخ سليمان عنه وعن كتابه: «الايمان الظاهر الذي تجري عليه الاحكام في الدنيا لا يستلزم الايمان في الباطن، وان المنافقين الذين قالوا: آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين هم في الظاهر مؤمنون يصلون مع المسلمين ويناكحونهم ويورثونهم كما كان المنافقون على عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم يحكم النبي فيهم بحكم الكفار المظهرين الكفر، لافى مناكحتهم ولا في موارثتهم ولا نحو ذلك، بل لما مات «عبدالله بن أبي»، وهو من اشهر الناس في النفاق، ورثه عبدالله ابنه، وهو من خيار المؤمنين، وكذلك سائر من يموت منهم يرثه ورثته المؤمنون، واذا مات لهم وارث ورثوه مع المسلمين، وان علم انه منافق في الباطن، وكذلك كانوا في الحدود والحقوق كسائر المسلمين، وكانوا يغزون مع النبي -صلى الله عليه وسلم- ومنهم من هم بقتل النبي -صلى الله عليه وسلم- في غزوة تبوك، ومع هذا ففي الظاهر تجري عليهم احكام اهل الايمان الى ان قال ودماؤهم واموالهم معصومة، لا يستحل منهم ما يستحل من الكفار والذين يظهرون أنهم مؤمنون، بل يظهرون الكفر دون الايمان، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: «أمرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله واني رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحقها وحسابهم على الله»، ولما قال لأسامة: اقتلته بعد ان قال لا اله الا الله؟ قال فقلت: انما قلتها تعوذاً، قال: «هل شققت عن قلبه»؟ وقال -صلى الله عليه وسلم - اني لم أؤتمر ان انقب عن قلوب الناس ولا اشق بطونهم».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير