ومن النقاط التي يثيرها الشيخ سليمان في وجه الدعوة الوهابية، أن الحديث النبوي المعروف، والوارد في صحيح البخاري، قد بارك في الشام واليمن، وقال صلى الله عليه وسلم عن نجد «هناك الزلازل والفتن ومنها يطلع قرن الشيطان»، فلا يمكن لهذه المنطقة أن تكون مصدر الإصلاح!
يقول الشيخ سليمان:
«ومما يدل على بطلان مذهبكم، ما في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: «رأس الكفر نحو المشرق». وفي رواية «الإيمان يماني والفتنة من ها هنا حيث يطلع قرن الشيطان».
وفي الصحيحين أيضا عن ابن عمر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال وهو مستقبل المشرق: «إن الفتنة ها هنا».
وللبخاري عنه مرفوعاً: «اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا، اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا، قالوا: وفي نجدنا. قال: اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا. قالوا: وفي نجدنا قال- في المرة الثالثة- هناك الزلازل والفتن ومنها يطلع قرن الشيطان».
يقول الشيخ سليمان معلقاً وشارحا: «أشهد أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لصادق .. فالمشرق عن مدينته صلى الله عليه وسلم شرقاً، ومنها خرج مسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة وهو أول حادث حدث بعده واتبعه خلائق وقاتلهم خليفته الصديق».
ويرى الشيخ سليمان بن عبدالوهاب النجدي في هذا الحديث الكثير من الدلالات المعاكسة لما تدعيه الحركة الجديدة من قدرة على انقاذ المسلمين واصلاح الاسلام!
يقول: «وجه الدلالة من هذا الحديث من وجوه كثيرة تذكر بعضها. منها ان النبي (صلى الله عليه وسلم) ذكر ان الايمان يماني والفتنة تخرج من المشرق، ذكرها مرارا. ومنها ان النبي (صلى الله عليه وسلم) دعا للحجاز واهله مرارا وأبى ان يدعو لأهل المشرق لما فيهم من الفتن خصوصا نجد .. ولا نعلم في بلاد المسلمين اكثر من فتنها قديما وحديثا».
ويورد الشيخ سليمان في نهاية كتابه اكثر من خمسين حديثا عن ماهية الاسلام، تنافي الطابع المتشدد الذي تتبناه حركة شقيقه، وقد اوردنا بعضها في سياق هذه المقالات.
والعديد من هذه الاحاديث تظهر بجلاء ان حروب وغزوات هذه الحركة السلفية باسم الجهاد ومحاربة الكفار والمرتدين كانت في الواقع ضد مدن وجماعات مسلمة تنطق بالشهادتين وتلتزم بالشريعة.
ومن الاحاديث التي يستشهد بها الشيخ سليمان بن عبدالوهاب ما يلي: -1 حديث في الصحيحين عن ابن عباس عن الرسول صلى الله عليه وسلم انه قال: «اتدرون ما الايمان بالله وحده؟ قالوا: الله ورسوله اعلم. قال: شهادة لا اله الا الله وان محمدا رسول الله، واقام الصلاة وايتاء الزكاة وصيام رمضان وان تعطوا من المغنم الخمس، وقال: احفظوهن واخبروا بهن من وراءكم».
-2 حديث في الصحيحين عن ابن عمر قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «امرت ان اقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فإن فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم واموالهم الا بحق الاسلام، وحسابهم على الله».
-3 في صحيح البخاري عن انس قال، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): «من صلى صلاتنا وأسلم واستقبل قبلتنا واكل ذبيحتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله ورسوله فلا تخفروا في الله ذمته».
-4 في الصحيحين عن أبي هريرة قال: «اتى اعرابي الى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال دلني على عمل اذا عملته دخلت الجنة. قال: تعبدالله، ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان. قال: والذي نفسي بيده لا ازيد على هذا ولا انقص منه. فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم: من سره ان ينظر الى رجل من اهل الجنة فلينظر الى هذا».
-5 في صحيح مسلم: «عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات وهو يعلم ان لا اله الا الله دخل الجنة».
وهكذا نجد، مع ما طالعنا في هذه المقالات الثلاث عن كتاب «الصواعق الالهية»، ان الكثير من ملاحظات الشيخ سليمان ومآخذه على الجماعة السلفية ومنهجها في التشدد، لم تختف تحت تأثير النقد. تماما كما تم تجاهل النقاط التي اثارها في زمننا هذا د. محمد سعيد رمضان البوطي!
Publish Date 07/10/2008