المستقيم: صراط المنعم عليهم، ومن هم المنعم عليهم؟ هم: الرسل وأتباعهم، وعلى رأسهم إمامهم وخاتمهم نبينا محمد - عليه الصلاة والسلام- وهذا صراطهم، صراط الله المستقيم؛ توحيد الله، وطاعة أوامره وترك نواهيه، هذا الصراط المستقيم، وهذا هو صراط المنعم عليهم، وهم: الرسل وأتباعهم إلى يوم القيامة. والصراط المستقيم هو: العلم والعمل؛ العلم بما شرع الله والعمل بذلك هذا هو الصراط المستقيم، العلم بما شرع الله وبما أوجب الله على عباده، والعمل بذلك، أن تعلم حق الله عليك، وأن تعلم ما أوجب الله عليك، وأن تعلم ما حرم الله عليك، وأن تستقيم على أداء ما أمرك الله به، وعلى ترك ما حرم الله عليك، هذا هو صراط الله المستقيم الذي تطلب من ربك في كل ركعة أن يهديك صراطه المستقيم. غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [46]، غير صراط المغضوب عليهم، وهم: اليهود وأشباههم، الذين عرفوا الحق وحادوا عنه، وتكبروا عن اتباعه، وغير الضالين، وهم: النصارى وأشباههم، الذين تعبدوا على الجهالة والضلالة. فصراط المنعم عليهم هم أهل العلم والعمل، الذين عرفوا الحق وفقهوه، وعملوا به، وأما المغضوب عليهم، فهم الذين عرفوا الحق وحادوا عنه؛ كاليهود وأشباههم و علماء السوء، الذين يعرفون الحق ويحيدون عنه، ولا يَدُلون إليه، والضالون هم: النصارى وأشباههم، ممن جهل الحق، ولم يبال بدين الله، بل اتبع هواه. فأنت - يا عبد الله – تسأل ربك أن يهديك طريق المنعم عليهم، وهم الرسل وأتباعهم، وأن يجنبك طريق المغضوب عليهم والضالين. وهذه دعوة عظيمة؛ فأعظم دعوة أن تسأل ربك الهداية إلى صراطه المستقيم، وهو صراط المنعم عليهم، لا صراط المغضوب عليهم، ولا صراط الضالين. احمد ربك على هذه النعمة العظيمة، واحرص على هذا الدعاء، وأحضر قلبك عند هذا الدعاء في الصلاة وغيرها؛ هذا الدعاء العظيم الذي أنت في أشد الضرورة إليه اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [47]. أحضر قلبك واصدق في هذا الطلب؛ في الصلاة وغيرها، تسأل ربك، تضرع إليه أن يهديك صراطه المستقيم، وأن يثبتك عليه حتى تكون من أتباعه والسالكين إليه، غير المغضوب عليهم وغير الضالين؛ لأن اليهود تعبدوا على خلاف العلم، وتابعوا أهواءهم حسداً وبغياً، وهم يعرفون أن محمداً رسول الله، وأن الله بعثه بالحق، ولكن حادوا عن الحق تكبراً وتعاظماً، وإيثاراً للدنيا على الآخرة، وحسداً. والنصارى جهال، يغلب عليهم الجهل والضلال، وهم أقرب إلى الخير من اليهود؛ ولهذا يسلم منهم الجم الغفير في كل وقت، أما اليهود فيندر أن يسلم منهم أحد، أما النصارى فكثيراً ما يسلمون في كل وقت؛ لأن قلوبهم أقرب إلى الخير من قلوب اليهود، قال - تعالى -: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى [48]. فالنصارى أقرب وقلوبهم ألين من قلوب اليهود؛ لأن علتهم الجهل والضلال فإذا عرفوا وبُين لهم رجع كثير منهم إلى الحق. أما علة اليهود فليست الجهل، بل علتهم الحسد والبغي، وعلتهم مخالفة الحق على بصيرة؛ فعلتهم خبيثة،
الشيخ العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز
ـ[ابوعبدالمحسن السلفي]ــــــــ[20 - 10 - 08, 03:39 م]ـ
(الصراط)
الصراط لغة: الطريق.
وشرعاً: الجسر الممدود على جهنم ليعبر الناس عليه إلى الجنة.
وهو ثابت بالكتاب، والسنة، وقول السلف.
قال الله تعالى:] وإن منكم إلا واردها [. فسرها عبدالله بن مسعود، وقتادة، وزيد بن أسلم بالمرور على الصراط.
وفسرها جماعة منهم ابن عباس بالدخول في النار لكن ينجون منها.
وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: "ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون: اللهم سلم سلم". متفق عليه.
واتفق أهل السنة على إثباته.
(صفة الصراط)
سئل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الصراط فقال: "مدحضة مزلة، عليه خطاطيف وكلاليب، وحسكة مفلطحة لها شكوة عقيفاء، تكون بنجد، يقال لها: السعدان. رواه البخاري وله من حديث أبي هريرة: "وبه كلاليب مثل شوك السعدان"، غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله يخطف الناس بأعمالهم". وفي صحيح مسلم من حديث أبي سعيد رضي الله عنه قال: بلغني أنه أدق من الشعر، وأحد من السيف. وروى الإمام أحمد نحوه عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً.
(العبور على الصراط وكيفيته)
لا يعبر الصراط إلا المؤمنون على قدر أعمالهم لحديث أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وفيه: "فيمر المؤمنون كطرف العين، وكالبرق، وكالريح، وكالطير، وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم، ومخدوش مرسل ومكدوس في جهنم". متفق عليه. وفي صحيح مسلم: "تجري بهم أعمالهم، ونبيكم قائم على الصراط يقول: يارب سلم سلم، حتى تعجز أعمال العباد حتى يجيء الرجل فلا يستطيع السير إلا زحفاً". وفي صحيح البخاري: "حتى يمر آخرهم يسحب سحباً".
وأول من يعبر الصراط من الأنبياء محمد، صلى الله عليه وسلم، ومن الأمم أمته لقول النبي، صلى الله عليه وسلم: "فأكون أنا وأمتي أول من يجيزها ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل ودعاء الرسول يومئذ اللهم سلم سلم". رواه البخاري.
فتاوي الشيخ ابن عثيمين
¥