وقصدنا بإيراد هذا السؤال بيان أنهم لا يأتمون بآل البيت المتقدمين، فتحذلق خليل حيدر وأراد ان يجارينا في ذلك وزعم ان دعوة الامام محمد بن عبدالوهاب والسلفيين غير متوارثة عن الاولين، وهذا جهل صارخ انما يفزع اليه من لايعرف حقيقة دعوة الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، فهذا اشهر كتب الامام محمد بن عبدالوهاب كتاب «التوحيد» شاهد بلزومه عقيدة الصحابة وآل البيت المتقدمين، فمثلا في باب ما جاء في حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد استدل بأثار آل البيت المتقدمين الذين لم يغيروا ولم يبدلوا، فقد ذكر عن علي بن الحسين رحمه الله انه رأى رجلا يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو، فنهاه، وقال: ألا احدثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لاتتخذوا قبري عيدا، ولابيوتكم قبورا، وصلوا علي، فإن تسليمكم يبلغني اين كنتم». رواه الضياء المقدسي في «المختارة».
وفي باب ما جاء ان سبب كفر بني آدم وتركهم دينهم هو الغلو في الصالحين استدل بقول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى {وقالوا لاتذرن الهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعا ولايغوث ويعوق ونسرا} قال: هذه اسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا اوحى الشيطان إلى قومهم ان انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها انصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا ولم تعبد، حتى إذا هلك اولئك ونسخ العلم عبدت»، رواه البخاري
وفي باب من الشرك لبس الحلقة والخيط استدل الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله بأثر حذيفة رضي الله عنه: انه رأى رجلا في يده خيط من الحمى فقطعه، وتلا قوله تعالى {وما يؤمن اكثرهم بالله إلاوهم مشركون}.
وهذا غيض من فيض من لزوم الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله لدين السابقين الأولين.
ثم ان خليل حيدر نفسه متناقض فتراه حينا يستدل بكلام البوطي في الفرية على الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في زعمه ان دعوته محدثة غير موصولة بالسابقين الاولين، وفي موضع آخر ينقم على الامام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله وأهل السنة رد الرأي المذموم مستدلين بزجر الصحابة والتابعين عن ذلك كما نقل عن عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما، والشعبي رحمه الله وغيره، كما أنه وصف أهل السنة بأن عقيدتهم ودعوتهم متوارثة عن أهل الحديث كما في مقاله في صحيفة «الوطن» بتاريخ 29/ 7/2008م، وفي مقاله بتاريخ 12/ 8/2008 ذكر عن أهل السنة تمسكهم بمأثورات السنة وطرائق السلف فيبدو ان خليل حيدر لايدري ماذا يخرج من رأسه، ويهرف بما لايعرف فهكذا الجهل يورد صاحبه موارد التناقض والظلم، عافانا الله.
الجاهل المرتاب لا يكون حكما على أهل السنة
من المعلوم أن المرتاب الذي لا يعرف الحقائق وجاهل بالعلم الشرعي لا يجوز له أن يطلق لسانه بنقد أهل السنة وعلمائها، لأن الشهادة لا تكون إلا بعلم كما قال تعالى «إلا من شهد بالحق وهم يعلمون»، وكما قال تعالى «فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك».
فخليل حيدر جاهل جهلا مركبا بآكد أحكام الشريعة وأهم مهمات العقيدة فما كان له ولأمثاله أن يطلقوا العنان لأقلامهم في نقد دعوة أهل السنة وعلمائها، ومجازفته في النقد دليل الهوى، وإلا فإن متين الإيمان لا يتكلم بما ليس له به علم كما قال تعالى «ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا».
قال أبو الوليد الباجي رحمه الله: «وقد نطق الكتاب المنع من الجدل لمن لا علم له والحظر على من لا تحقيق عنده، فقال تعالى «ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم» «آل عمران:66»، المنهاج بترتيب الحجاج ص8.
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله: «والرد على من خالف أمر الله ورسوله لا يُتلقّى إلا عمن عرف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وخبره خبرة تامة»، الحكم الجديرة بالإذاعة ص38 - 39.
وسأضرب مثالين صريحين يظهر من خلالهما نقد خليل حيدر لأهل السنة بالجهل والظلم، وإنما هو ناقل لكلام البوطي دون تحقيق أو تمحيص:
¥