ـ[أبو بكر الغنامي]ــــــــ[12 - 10 - 08, 01:21 ص]ـ
دار جدل عقيم بين علماء الكلام حول علاقة الصفات بذات الله وكيفية وصف الله بهذه الصفات وهل يوصف بها لمعنى قديم أو حادث؟ وهل هذه الصفات زائدة على الذات أم هي عين الذات؟
معناه الخلاف الذي بين المعتزلة والأشاعرة من جهه , والاشاعرة والصفاتية من أتباع السلف من جهه , وهو في علاقة الصفات بالذات الموصوفه بها , هل الصفات غير الذات , أم أنها هي؟ الأول مذهب الجهمية , فعطلوا جميع الصفات ونفوها , بزعمهم أن مقتضى ولازم إثبات الصفات للذات الموصوفه هو تعدد القدماء , وهذا زعم باطل.
والثاني مذهب المعتزلة , فقالوا صفات الله هي ذاته , والفرق بينهما عند التحقيق , أن الجهمية تجرأوا على إنكار الصفات , والمتعزلة جبنوا! , فأولوها , أيضا لذات الدعوى السابقة.
أما الأشاعرة والمتوريدية والكلابية والكرامية والصفاتية من أتباع السلف , فقالوا: نحن لانأخذ المسألة بهذه المغايرة , وذلك لإستحالة أن تكون هناك ذاتا خالية من الصفات! , فكيف يقال , فلان موجود , ثم يقال لايمكن بأن يكون متصفا بالوجود! , كيف يكون هناك متكلم , ولايوصف بالقدرة على الكلام!
وقوله لمعنى قديم , أي هل هذه الصفات قديمة أم أنها حادثة , أي هل المولى سبحانه وتعالى كان متصفا بالقدرة على الخلق قبل أن يخلق الخلق؟ , لا أعلم تحرير المذاهب في هذه المسألة وأنا لست بقرب كتيباتي , ولكن مذهب أهل السنة أن الصفات قديمة النوع , حادثة الآحاد , ومعناه , أن الله قادر على الخلق منذ الأزل , ولكن ماخلقه الله سبحانه لم يكن منذ الأزل بل هو حادث في زمن ,فلم يزد بخلق عباده شيء.
أولا: المعتزلة:
سووا بين الذات الإلهية وبين كل صفة من الصفات، هروبا من تعدد القدماء فقالوا أن الله عالم بعلم والعلم هو الله نفسه والنتيجة أنهم (وقعوا في التسوية بين الموصوف والصفة والصفات بعضها ببعض).
شرحت لكِ ذلك في الأعلى , حيث هذه المسألة هي عينها هل الصفات زائدة على الذات , أو هل توصف الصفات بمغايرة الذات , هي كلها مسأة واحدة. قوله: (وقعوا في التسوية بين الموصوف والصفة والصفات بعضها ببعض)
معناه: جعلوا الصفة هي عينها الذات الموصوفة! , وجعلوا بعض الصفات هي نفسها بعضها الآخر , كقول بعضهم , سمع الله , وبصره , هو عينه علمه ولاغير!
ثم الأشاعرة:
قالوا أن الصفات ليست هي ذات الله ولاغيرها وعنوا بالغيرية: جواز مفارقة أحد الشيئين للآخر بوجه من الوجوه أو أن الصفات لاتنفك عن الذات.
هذا والله أعلم أنه موضع تسليم بيننا وبينهم.
ثم قال عن الصفات السلبية أنها كل صفة تدل على سلب مالا يليق بذات الله وحصرها في القدم والبقاء و المخالفةللحوادث والقيام بالنفس والوحدانية.
لهم تقسيم للصفات جعلوا بعضها بإسم الصفات السلبية , والسلب هو النفي , وحصرو ا هذا النوع من الصفات في الصفات المذكورة أعلاه , (فالقدم) معناه معروف , وكذلك (البقاء) , وسلب القدم الحدوث , وسلب البقاء الفناء , (والمخالفة للحوادث) أرادوا به مخالفة الخالق للمخلوق , بحسب فهمهم , من عدم التحيز , ونفي الجهه , وغيره من حق وباطل.
ثم في الحديث عن صفات الله: قدرة الله
لاتتعلق القدرة بالواجبات ولابالمستحيلات إذ أن الواجب الوجود وهو الله سبحانه وحده، لاتتعلق به القدرة إيجادا إذ أنه موجود بالفعل، ولاتتعلق به إعداما إذ يستحيل عدمه. أما المستحيلات فلو تعلقت بها القدرة إيجادا لايصح التعلق، لأنها لايمكن أن توجد كما لايصح ان تتعلق بها القدرة إعداما لأنها هي معدومة على الدوام .. !!
الواجب هو مالايقبل العدم , أو هو مالا يقبل إلا الوجود , والمستحيل , هو مالايقبل الوجود , أو هو مالا يقبل إلا العدم , والعدم والوجود نقيضان كما لايخفى.
فتعلق القدرة بالواجب - حيث لاواجب وجوده غير الله - غير ممكنة لأنه موجود أصلا ,والقدرة على المحال أيضا غير ممكنة , ويمثل له بإعدام الله سبحانه وتعالى لذاته. وأظن أني قد قرأت تجويز ابن حزم لذلك! والله أعلم.
ثم في الحديث عن الإرادة الإلهية: قال
هي صفة قديمة زائدة على الذات قائمةبذاته سبحانه، تخصص الممكن ببعض ما يجوز عليه من الامور المتقابلة إذ أن كل ممكن من الممكنات يجوز أن يكون على صور كثيرة من حيث وجوده وعدمه وزمان ذلك الوجود و العدم، ومن حيث هيئته وشكله ولونه وحجمه إلى غير ذلك من الأوصاف إرادة الله هي التي تخصص للكائن صورة دون غيرها من تلك الصور الممكنة الستة، نظمها أحدهم فقال:
الممكنات المتقابلات .. وجودنا العدم الصفات
أزمنة أمكنة جهات .. كذا المقادير روى الثقات
وهذا أيضا , أظنه موضع تسليم بيننا , والله أعلم.
مما يدل على إثبات صفة الكلام: إرساله للرسل وتكليفه للعباد بالأمر و النهي مما يدل على أن له كلاما
كيف؟ وهل هذا الكلام يقصد به القرآن أم غيره؟
صفة الكلام عندهم , هي الكلام النفسي , والقرآن يدخل في هذا , وإلا فالعبارة تشمل القرآن وغيره من جميع أشكال الوحي. والله أعلم
¥