تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهو ينتقي المقاطع بدقه ويوجهها بمقدمته ويتبعها بتعليقه ويخللها بشرحه حتى يظن القارئ أن كلام ابن تيمية نص في المعنى الذي قدمه فيقول نعم قد قال ابن تيميه!!!

وحين نأتي إلى كلام ابن تيمية رحمه الله نجد أنه قد ذكر أصل المسألة التي يدور حولها الكلام والتي مازالت تدور حول مسالة انحصار الموجودات في المباين والمحايث واعتراض الرازي عليها حيث قال:

(بل هذا " القول " الذي اتفق عليه العقلاء من أهل الإثبات والنفي اتفقوا على أن الوهم والخيال لا يتصور موجودا إلا متحيزا أو قائما وهو الجسم وصفاته ثم المثبتة قالوا وهذا حق معلوم أيضا بالأدلة العقلية والشرعية بل بالضرورة وقالت النفاة إنه قد يعلم بنوع من دقيق النظر أن هذا باطل فالفريقان اتفقوا على أن الوهم والخيال يقبل قول المثبتة الذين ذكرت أنهم يصفونه بالأجزاء والأبعاض وتسميهم المجسمة فهو يقبل مذهبهم لا نقيضه في الذات)

والمتأمل في هذا النقل لا يجد ما يمكن أن يقال عنه نص على تجسيم ابن تيمية رحمه الله فالكلام واضح لا يحتاج إلى أدنى تأمل ومع ذلك يقول الاستاذ فودة معلقا:

(فانظر إليه هنا يقع في مغالطات فيستدل كما سترى بالوهم والخيال على الموجودات أي أنه يجعل الوهم حاكما، فيقول كل ما لم يدرك عن طريق الوهم، فليس موجودا وكل ما لم يستطع الخيال أن يتصوره فلا يمكن أن يكون موجودا. وتأمل في كلامه لترى كيف ادعى أن هذا لأمر قد دلت عليه أيضا النصوص الشرعية والأدلة العقلية وهو في ذلك مغالط)

وأقول: لقد أذهلت الأستاذ فودة سكرة البحث عن نصوص صريحة حتى غاب عنه أن ابن تيمية هنا لم ينسب هذا القول لأهل الإثبات فقط!

بل نسبه لأهل الإثبات والنفي جميعا؟!!!

قد كرر ابن تيمية رحمه الله نسبة هذا الكلام إلى كل من النفاة والمثبتين مرتين فقال:

(بل هذا القول الذي اتفق عليه العقلاء من أهل الإثبات والنفي)

وقال: (فالفريقان اتفقوا على أن الوهم والخيال يقبل قول المثبتة)

فإذا كان متعلق الأستاذ فودة فيما ينسبه إلى ابن تيمية من نصوص أنه يحكيها على لسان أهل الإثبات أو المثبتين ويزعم انهم أهل الحق عنده فهذا النقل لم يحكه ابن تيمية على لسانهم فقط بل حكاه عن النفاة والمثبتين جميعا فكيف كان ذلك نصا على تجسيم ابن تيمية با أستاذ فودة؟! أم أن ألإفلاس والعجز قد وصل معك إلى حده؟

ولقد كان على الأستاذ المحقق أن يبين للقارئ كيف اتفق الفريقان وكيف اختلفوا فيكشف ما ينبغي كشفه مما يتضح به المعنى للقارئ ولكن الأستاذ فودة يتلاعب بالألفاظ الموهمة.

فهو يطلق الأقوال المبهمة التي لا يفهم منها القارئ إلا معنى التشنيع فحسب وإن كان لا يدري في حقيقة الأمر ما المأخذ فيها وما الخطأ في هذه الأقوال.

- وحقيقة الأمر أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يتخذ في مناظرة الرازي وغيره من الجهمية النفاة طريقة المعارضة بين الأقوال المتقابلة فيقابلها ببعضها البعض حيث أنهم يزعمون أن حججهم عقلية كلامية لا تتعارض ولا تتناقض، فيعارض حجج وأقوال النفاة بحجج وأقوال المثبتين في كل مسألة هذه المسائل، فيظهر بتعارضها وتناقضها بطلانها في نفسها وعدم صحة الاعتماد عليها للوصول إلى العلم بالله سبحانه وصفاته وأن الطريقة التي كان عليها سلف الأمة من اتباع الكتاب والسنة هي الطريقة الموصلة إلى العلم بالله سبحانه وتعالى فهم خير هذه الأمة وأعلمها بالله سبحانه وصفاته وأحكامه ولم يكن اعتمادهم على مثل هذه الألفاظ والمصطلحات المحدثة.

- وهو في هذه المعارضة قد يتوصل إلى إبطال القولين جميعا أو ترجيح احدهما على الآخر من جهة العقل أو الشرع بحسب قربه منهما أو بعده عنهما، وليس بلازم عند العقلاء صحة القول الراجح أو القريب " مطلقا " في حقيقة الامر لان الحالة حالة مقارنة ومقابلة لا تقرير وتحرير وقد سبق النقل عنه في هذا.

- فابن تيمية رحمه الله يعارض ويرجح ويبطل دون التزام لأي من هذه الأقوال ولكن فقط ليبين بطلان هذه الطرق المبتدعة أو عدم صحة الاعتماد عليها وأن الطريقة الشرعية هي الطريقة الموصلة إلى العلم بالله سبحانه وتعالى وهي طريقة الأنبياء والصحابة والأئمة المتبوعين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير