تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وحيث انه طويل نوعا ما فقد رأيت أن أنقل من كل وجه ما يمكن معه تصور المعنى الكلي له ولمن يريده كاملا فله أن يراجع محله الذي أشرت اليه.

ففي بداية الفصل نقل ابن تيمية قول الرازي بلفظه حيث قال:

(قال الرازي: فنقول حاصل هذا الكلام أن المشبهة زعمت أن مباينة الباري تعالى عن العالم لا يعقل حصولها إلا بالجهة وأنتجوا منه كون الإله في جهة وزعمت الدهرية أن تقدم الباري على العالم لا يعقل حصوله إلا بالزمان وأنتجوا منه قدم المدة وإذا ثبت هذا فنقول حكم الخيال إما أن يكون مقبولا في حق الله تعالى أو غير مقبول فإن كان مقبولا فالمشبهة يلزم عليهم مذهب الدهرية وهو أن يكون الباري متقدما على العالم بمدة غير متناهية ويلزمهم القول بكون الزمان أزليا والمشبهة لا يقولون بذلك والدهرية يلزم عليهم مذهب المشبهة وهو مباينة الباري عن العالم بالجهة والمكان فيلزمهم القول بكون الباري مكانيا وهم لا يقولون به فصار هذا التناقض وارد على الفريقين

وأما إن قلنا إن حكم الوهم والخيال غير مقبول البتة في ذات الله تعالى وفي صفاته فحينئذ نقول قول المشبهة إن كل موجودين فلا بد وأن يكون أحدهما حالا في الآخر أو مباينا عنه بالجهة قول خيالي باطل وقول الدهري إن تقدم الباري على العالم لا بد وأن يكون بالمدة والزمان قول خيالي باطل وذلك هو قول أصحابنا أهل التوحيد والتنزيه الذين عزلوا حكم الوهم والخيال في ذات الله تعالى وصفاته وذلك هو المنهج القويم والصراط المستقيم) -

وخلاصته:أن القول بأن كل موجودين إما أن يكونا متحايثين متداخلين أو متباينين منفصلين نظير قول الدهري بأن الباري متقدما على العالم بمدة من الزمان،وأنه لما كان تصحيح قول الدهري يلزم منه القول بقدم الزمان كذلك يلزم المثبت للعلو والمباينة القول بقدم الجهة والمكان، واستدل بهذه اللوازم على بطلان القولين جميعا وحكم بأن القول بأن هذه أمور ضرورية فطرية بأنه من حكم الوهم والخيال الذي يحكم في المحسوس لا في الأمور الغائبة ...

فرد عليه ابن تيمية من أحد عشر وجها تسلسل فيها من وجه إلى وجه حتى توصل إلى أن كلام الرازي المذكور في هذه المعارضة حجه لمخالفه لا عليه في مناقشة علمية دقيقة حيث قال:

(قلت والكلام على هذا من وجوه:

- أحدها أن تسمية هؤلاء أهل التشبيه مما ينازعونه ... )

- وحيث انه لا تعلق لهذا الوجه بما نحن فيه حيث علق فيه على وصف الرازي للمخاف له بالمشبهة فنكتفي بالإشارة إليه ونحيل عليه في موضعه لمن يريد مراجعته.

- (الوجه الثاني أن هذه الحجة يحتج بها طوائف من متكلميهم من الكرامية وغيرهم وإلا فجمهورهم لا يحتاجون إلى قياس شمولي في هذا الباب بل عندهم أن علو الله على العرش معلوم بالفطرة الضرورية وقد تواطأت عليه الآثار النبوية واتفق عليه خير البرية ويقولون نفي ذلك تعطيل للصانع معلوم بالضرورة العقلية فلو فرض أن هذا القياس عارضه ما أبطله لم يبطل ما علموه بالفطرة الضرورية من أن الله فوق خلقه وأنه يمتنع كونه لا داخل العالم ولا خارجه ولا يلزم من كون العبد مضطرا إلى العلم بحكم الشيء المعين أن يجعل نقيض ذلك قضية عامة كلية فإن العلم بالمعين الموجود يلزمه نفي النقيض وذلك شيء غير العلم بنفي المطلق الكلي وطوائف من أهل الفطرة الصحيحة والأثبات للشريعة يعلمون أن الله تعالى فوق العالم ولا يخطر بقلوبهم تقدير وجود موجود لا داخل العالم ولا خارجه حتى ينفوه)

وخلاصته: أن القول بأن كل موجودين يكون أحدهما مباينا للأخر أو محايثا له قياس شمولي يستدل به على علو الله سبحانه وتعالى على خلقه ومباينته لهم، وهو قول بعض الكرامية لا جميعهم، أما جمهورهم فإنه يحتج بالفطرة الضرورية القاضية بعلو الله على خلقه وأن هذا أيضا مما تواطأت عليه الآثار النبوية واتفق عليه خير البرية وعلى فرض أن هذا القياس الشمولي بأن الموجودين إما أن يكون أحدهما مباينا أو محايثا للأخر قد عارضه ما يبطله فإن هذا العارض لا يبطل ما علموه بالفطرة الضرورية بأن الله فوق خلقه وأنه يمتنع كونه لا داخل العالم ولا خارجه ...

ثم قال

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير