تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

- (الوجه الثالث: أن هذه الحجة المذكورة ليست نظير ما ذكره من حجة الدهرية وذلك أن هؤلاء قالوا الخالق والمخلوق موجودان فكل موجودين فإما أن يكون أحدهما حالا في الآخر أو بائنا عنه وكذلك إذا قيل إما أن يكون أحدهما داخلا في الآخر أو خارجا منه وكذلك إذا قيل إما أن يكون أحدهما متصلا بالآخر مقارنا له أو منفصلا عنه بائنا منه ثم قالوا وليس هو فيه فوجب أن يكون خارجا منه وهذا مقصودهم فنظيره أن يقال الباري والعالم موجودان وكل موجودين فإما أن يكون وجودهما معا وهما متقارنان وإما أن يكون أحدهما قبل الآخر وليس مع العالم مقارنا له فوجب أن يكون متقدما عليه وهذا حق فهذا تمام الموازنة والمعادلة بين الحجتين .. )

فبين رحمه الله أن قول الرازي أن هذا القول نظير قول الدهرية خطأ وساقه على وجهه الصحيح ثم قال:

(فالأولى دلت أن الباري تعالى خارج عن العالم ليس فيه وهذه دلت على أن الباري سابق للعالم لم يقارنه العالم ... )

ثم قال:

- (الوجه الرابع أن هذه المعارضة قد أخذها الرازي ممن احتج بها قبله كأبي المعالي وذويه فإنهم ذكروها في مسألة حدوث العالم وذكروها في مسألة الجهة لما أورد عليهم كل واحدة من الطائفتين ما عارضهم به من القضيتين الفطريتين فظنوا أنهم بهذا الإلزام يخلصون من معارضة الطائفتين ويجعلون ذلك دليلا على أنها من حكم الوهم ومع هذا لم يخلصوا بذلك من معارضة الطائفتين بل ادعوا ما يخالف العقل الصريح وكان ذلك مما سلط عليهم الفلاسفة الدهرية رأوا احتجاجهم بهذه الحجة الضعيفة وكان ذلك مما سلط عليهم المسلمون المثبتون وهذا كما ذكره الإمام أحمد في مناظرة جهم للسمنية ... )

ثم قال رحمه الله:

(ثم غاية ذلك أنه جواب إلزامي لا علمي وهو لا ينفع لا للناظر ولا للمناظر وذلك أن المثبت إذا قال لهم كل موجودين فإما أن يكون أحدهما حالا في الآخر أو بائنا عنه كان من المعروف بنفسه أن هذا حكم الفطرة الإنسانية الموجودة لبني آدم وهذه الفطرة الضرورية لا تندفع بمعارضة ولا جدل فإذا قالوا هذا من حكم الوهم الباطل وبمنزلة قول الدهرية من الفلاسفة وغيرهم كل موجودين فإما أن كون أحدهما متقدما على الآخر أو مقارنا قيل له هب أن الأمر كذلك فهذا الذي مثلت به هو حق أيضا تقبله الفطرة وتحكم به فإذا قال هذا من حجة الدهرية القائلين بقدم العالم فإذا صححناه لزمنا القول بقدم العالم وهو باطل وما استلزم الباطل فهو باطل قيل له هذه القضية معلومة بينة بنفسها فطرية ضرورية وأما كونها مستلزمة للقبول بقدم العالم فهذا ليس بين ولا معلوم بل أنت تقوله وقد يكون هذا من ضعف جوابك عن دعوى التلازم فلما عجزت عن الجواب سلمت التلازم.)

بمعنى أن جوابك أيها الرازي بأن القول بأن الله فوق العالم هو نظير قول الدهري بأن الله متقدم على العالم هو جواب إلزامي ليس فيه تعرض لحجة الخصم أصلا وهذا لا ينفعك ولا يدفع حجة خصمك، حيث أنها أمور ضرورية معلومة بالفطرة فلا تندفع بمعارضة ولا جدل فإذا قيل هذا مثل قول الدهرية بأن الله متقدم عن العالم أو مقارنا له قيل هذا الذي مثلت به هو حق أيضا تقبله الفطرة وتحكم به فإن قيل أنه يلزم منه القول بقدم العالم إذا صححناه قيل له:هذه القضية أي تقدم الله على العالم معلومة بالفطرية الضرورية وكونها مستلزمه للقول بقدم العالم ليس بينا ولا معلوما بل هو في الحقيقة ليس بلازم وإنما التزمته أنت لضعف حججك في الرد على هؤلاء.

- (الوجه الخامس: أن يقول هب أنا نفرض تلازمهما فالعلم بهذه القضية التي ألزمتموني نفيها لأنفي معها الأولى التي إثباتها أبين في العقول من كون العالم الذي هو عندكم جميع الأجسام وصفاتها محدث ليس شيء منها بقديم فالاحتجاج على بطلان هذه المقدمة ببطلان هذا اللازم الذي هو أخفى منها عكس الواجب بل إن صح هذا التلازم كان بعض قول الفلاسفة أصح من قولكم يا معشر المناظرين لهم والله تعالى لم يأمرنا أن ندفع الأقوال الباطلة من أقوال الكفار وغيرها بالأقوال الباطلة .. )

بمعنى أنكم تعارضون القول بان الله فوق العالم وأنه مباين له بأنه نظير قول الدهري بأن الله متقدم عن العالم والذي يجب نفيه لأنه يلزم منه قدم شيء من العالم وهذا يعارض قولكم بأن العالم حادث لا شيء منه قديم ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير