تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإذا وازنا بين الأدلة وجدنا أن قولنا بأن الله مباينا للعالم وأنه سبحانه متقدم عليه معلوم بالضرورة الفطرية وقولكم بحدوث جميع الأجسام مبني على أمور نظرية متنازع فيها فكيف يقدم هذا على هذا.

- (الوجه السادس: إن كل واحدة من الطائفتين تقول لهم إذا عارضهم بمذهب الآخرين ما يبطل هذه المعارضة ..

وهنا يتكلم رحمه الله بلسان كل من المثبت والدهري الفيلسوف:

(فيقول المثبت للعلو من المسلمين وسائر أهل الملل والفلاسفة الصابئين والمشركين وغيرهم أنا أعلم بفطرتي أن الموجود إما أن يكون محايثا لغيره أو مباينا له وقولك إن هذا مثل قول الفيلسوف الدهري الموجودان إما أن يكون أحدهما مع الآخر أو قبله هو أيضا معلوم لي وقولك إن هذا يستلزم تقدم العالم أنا لا أجزم بهذه الملازمة نفيا ولا إثباتا ... )

ثم قال:

(وقد يقول أيضا أنا لا أنظر في هذه المعارضة وسواء جزمت بثبوت الملازمة أو انتفائها أو لم أجزم بشيء فأقول لا يخلو إما أن يكون ما ذكرته مستلزما للقول بقدم جسم من الأجسام أو لا يكون فإن لم يكن مستلزما بطلت المعارضة وإن كان مستلزما لقدم جسم من الأجسام فليس علمي بحدوث الأجسام الذي تسميه حدوث العالم أبين عندي من العلم بهذه القضية إذ هذه المقدمة ضرورية فطرية وتلك تحتاج إلى مقدمات طويلة خفية وفيها نزاع كثير .. )

والكلام واضح لا يحتاج إلى تعليق.

ثم قال توضيحا:

(فإذا كان العلم بأن الله تعالى فوق العالم أبين في الفطرة والشرعة من كون الأجسام كلها محدثة لم يجب علي أن أترك ذلك المعلوم البين في الفطرة خوفا أن يلزمني إنكار هذا الذي ليس هو مثله في ذلك وهذا الجواب بين ظاهر.)

ثم قال:

(الوجه السابع:

وهو أن الفيلسوف يقول وعلمي بأن الموجودين إما أن يكون أحدهما مع الآخر أو قبله علم بديهي فطري وأما قولك إن هذا مثل قول المجسم الموجودان إما أن يكون أحدهما محايثا للآخر أو بائنا عنه أقول لا يخلو إما أن تكون هذه المماثلة حقا أو باطلا فإن كانت باطلا لم يرد علي وإن كانت حقا وجب علي التزام المماثلة .. )

وخلاصة ما في الوجهين السابع والسادس أن المعلوم بالضرورة مقدم على المعلوم بالأدلة الخفية، وأن علو الله على خلقه وتقدمه على العالم معلوم بالضرورة الفطرية ..

أما ما يلزم عن ذلك من اللوازم التي تعارض هذا المعلوم فهي أمور خفية لا ترقى أن تعارض هذا الضروري فضلا أن تتقدم عليه،

وغاية ما يدعى في إثباتهما أن تعارض دليلا معينا على حدوث العالم وقدم الرب سبحانه.

(ولا ريب أن قدم العالم أو صحة هذه الحجة أخفى وأبعد عن المعلوم من كون واجب الوجود تعالى فوق العالم فإن الإقرار بهذا ثابت في الفطرة وقد تواتر عن الأنبياء والرسل القول به فإذا كان على أحد التقديرين أخالف المعلوم بفطرتي من العلوم الضرورية فأنفي كل واحد من القضيتين وأخالف الأنبياء والمرسلين وعلى الآخر إنما أخالف الحجج الدالة على قدم العالم وأبطل هذه الحجة المعينة كانت مخالفة هذه أولى في عقل كل عاقل وهذا لكلام في غاية الإنصاف والبيان)

فخلاصة القول بأن ما نقول به مبني على مقدمات ضرورية فطرية وما يلزم عنها من خفي اللوازم إن صح فلا يمكن أن نقدمه على المعلوم بالضرورة لا سيما وهذا الضروري قد وافق لما عليه الأنبياء والمرسلين.

(فعلم أن ما ذكروه من المعارضة لم يندفع به واحدة من الطائفتين لا في المناظرة ولا في نظر الإنسان بينه وبين ربه تعالى ولكن أوهموا هؤلاء بهؤلاء وهؤلاء بهؤلاء والتزموا مخالفة الفطرة الضرورية العقلية التي اتفق عليها العقلاء في كل من الإيهامين مع ما في ذلك من مخالفة الكتب والرسل ببعض ما قالوه في كل واحدة من المسألتين مسألة حدوث الأجسام ومسألة علو الله تعالى على خلقه هذا كله إذا لم يكن في الفلاسفة من يقول بالجهة ولا في المسلمين من يقول بقدم بعض الأجسام)

وهذا لكلام تقرير لما سبق ونتيجة له، فلما أبطل قول الرازي وبين عدم صحة هذه المعارضة عند كلا الطائفتين قرر ذلك في هذه الفقرة.

ثم قال رحمه الله:

- والمثبت للجهة يقول ما يقال في

- الوجه الثامن:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير