تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهو أن يقول غاية ما ألزمتني به من حجة الدهرية أن يقال بقدم بعض الأجسام إذ القول بقدم الأجسام جميعها لم يقل به عاقل والقول بخلق السموات والأرض لم تدل هذه الحجة على نفيه وإنما دلت إن دلت على قدم ما هو جسم أو مستلزم لجسم وهذا مما يمكنني التزامه .. )

وهنا نرجع إلى التذكير بأن هؤلاء النظار من المثبتين الذين ينقل عنهم ابن تيمية رحمه الله قد اصطلحوا بان الجسم هو الموجود القائم بنفسه ورتبوا على ذلك أن الله سبحانه وتعالى جسم حيث انه موجود قائم بنفسه موصوف بالصفات وهذا لا ينبغي أن يغيب عن ذهن القارئ مهما شغب الأستاذ فودة وشوش.

ومما ينتج عن القول بأن الله جسم على مذهب هؤلاء هو القول بعدم حدوث جميع الأجسام إذ كيف يقال بحدوث جميعها والله سبحانه جسم؟!

فنقضوا أدلة الحدوث التي يقول بها المتكلمون إذ التسليم لها يعني حدوث الرب سبحانه وتعالى وهم لا يقولون بذلك.

هذا هو مذهب هؤلاء النظار من الكرامية وغيرهم والذين يحكي عنهم ابن تيمية كلامهم ويصفهم بالمثبتين أو أهل الإثبات.

فيقولون: إذا دل قول الدهري على قدم بعض الأجسام دون تعيين أمكننا التزام ذلك لان هذا الجسم القديم هو الله بالضرورة وهذا معنى كلام ابن تيمية:

(فإنه من المعلوم أن طوائف كثيرة من المسلمين وسائر أهل الملل لا يقولون بحدوث كل جسم إذ الجسم عندهم هو القائم بنفسه أو الموجود أو الموصوف فالقول بحدوث ذلك يستلزم القول بحدوث كل موجود وموصوف وقائم بنفسه وذلك يستلزم بأن الله تعالى محدث)

وهذا هو ما سبقت الإشارة إليه من مذهب المثبتين لا يقولون بحدوث كل جسم إذ الجسم عندهم هو القائم بنفسه أو الموجود أو الموصوف فالقول بحدوث ذلك يستلزم القول بحدوث كل موجود وموصوف وقائم بنفسه وذلك يستلزم بأن الله تعالى محدث وهو يقولون بان الله سبحانه جسم ولكنه قديم.

ثم قال رحمه الله:

(فتقول لهم مثبتة الجهة إذا كان تصحيح هاتين المقدمتين الفطريتين يستلزم مع كون الباري تعالى فوق العالم مباينا له أن يكون من الأجسام ما هو قديم أمكنني التزام ذلك على قول طوائف من أهل الكلام بل على قول كثير منهم ولم أكن في ذلك موافقا للدهرية الذين يقولون إن الأفلاك قديمة أزلية حتى يقال هذا مخالف للكتاب والسنة) يعني إذا كان تسليمي بهذه المقدمات الضرورية أن الله سبحانه فوق العالم بائنا منه ويلزم بعد ذلك أن أقول بقدم جسم ما من غير تعيين فإنه يمكنني أن التزم ذلك على أن يكون هذا الجسم القديم هو الله سبحانه لا الأفلاك التي يقول الفلاسفة بقدمها.

ثم قال رحمه الله:

(وأما كون الباري جسما أو ليس بجسم حتى يقال الأجسام كلها محدثة فمن المعلوم أن الكتاب والسنة والإجماع لم تنطق بأن الأجسام كلها محدثة وأن الله ليس بجسم ولا قال ذلك إمام من أئمة المسلمين فليس في تركي لهذا القول خروج عن الفطرة ولا عن الشريعة بخلاف قولي بأن الله تعالى ليس فوق العالم وأنه موجود لا داخل العالم ولا خارجه فإن فيه من مخالفة الفطرة والشرعة ما هو بين لكل أحد وهو قول لم يقله إمام من أئمة المسلمين بل قالوا نقيضه فكيف التزم خلاف المعقول الفطري وخلاف الكتاب والسنة والإجماع القديم خوفا أن أقول قولا لم أخالف فيه كتابا ولا سنة ولا إجماعا ولا معقولا فطريا)

(بل يقول (أي مثبتو الجهة) في:

- الوجه التاسع هذه المعارضة تؤكد مذهبي وتقوية وتكون حجة ثانية لي على صحة قولي فإن احتججت علي بأن الله تعالى مباين للعالم بأن الموجودين إما أن يكون أحدهما مباينا للآخر أو محايثا له فقلتم هذا معارض بقول الفيلسوف إن الموجودين إما أن يكون أحدهما متقدما على العالم أو مقارنا له وذلك يستلزم القول بقدم الزمان المستلزم للقول بقدم بعض الأجسام فأقول إذا كانت هذه الحجة التي عارضتموني بها مستلزمة لكون بعض الأجسام قديمة من غير أن تعين جسما أمكن أن يكون ذلك الذي يعنونه بأنه الجسم القديم هو الله سبحانه وتعالى كما يقوله المثبتون وأن ذلك هو ملازم لقولنا إنه موصوف وقائم بنفسه .. )

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير