أقول هذا أولا تسليم منك بصحة كلام ابن تيمية رحمه الله بأن السلف لم يتعرضوا لهذه الألفاظ بنفي ولا إثبات ولم يرد عنهم ذم للمجسمة كما ذكر شيخ الإسلام حيث قال:
" لم يلتفت إليهم السلف ولم يعبئوا بهم ولم يشغلوا أنفسهم بالرد عليهم لظهور فساد أرائهم وبطلان قولهم " فقد أنطقه الله بالحق رغم انفه لعله يفيق من غفلته ..
وثانيا: ليتأمل القارئ هذه الفضيحة العظيمة التي سجلها لأستاذ فودة بقوله عن أقوال الجهمية المعطلة:
(لأنها فيها قرب كبير من الحقيقة والأصول الصحيحة!)
فرغم الإجماع المنعقد على كفرهم وضلالهم وتصريح كبار الاشاعرة بتكفيرهم وتضليلهم إلا أن الأستاذ يقرر هنا بان هذا المذهب المردي قريب من الحقيقة والأصول الصحيحة!
بالطبع الحقيقة التي هو عليها لا الحقيقة التي عليها السلف الذين منهم الإمام عبد الله ابن المبارك حيث قال: (إنا لنحكي كلام اليهود والنصارى ولا نستطيع أن نحكي كلام الجهمية)
والذين أطبقوا على ضلالهم وكفرهم ثم يأتي الأستاذ فودة بعد هذه القرون الطويلة ليجعلهم أقرب إلى الحق والأصول الصحيحة!!!
فهنيئا للأستاذ فودة وأتباعه المحققين المنتفخين بقربهم من الجهمية وبعدهم عن أعداءهم من السلف!!!
وهذه والله لفضيحة عظيمة يسجلها الأستاذ على نفسه في آخر هذا المبحث كرامة لهذا الإمام الجليل رحمه الله ولعل هذه الفضيحة هي ثمرة هذا العمل الخبيث نسال الله العافية ...
ثم يقول الأستاذ: (هذا النص وإن ساقه على لسان من سماهم بالمثبتة، إلا أننا نعرف تماما أن مراده بالمثبتة أهل الحق عنده .. )
أقول أولا هذا اعتراف من الأستاذ فودة بأن ابن تيمية إنما يسوق هذه الكلام على لسان غيره ممن سماهم بالمثبتة ... وهذا تصديق قولنا فيما سبق والله الحمد.
وثانيا: قوله " إلا أننا نعرف تماما أن مراده بالمثبتة أهل الحق عنده " هو التخرص بعينه. - وإن هذا الكلام من الأستاذ فودة ليدل القارئ على ما ذكرناه من حقيقة أن الأستاذ فودة رغم كل هذه الحيل لم يظفر بنص صريح يقرر فيه ابن تيمية أن الله جسم،وإلا لما كان الأستاذ في حاجة لمثل هذه الطرق الملتوية والمشحونة بالتخرص والادعاء.
- والأستاذ لا شك يشعر بالريبة من هذه النقولات التي يسميها " نصوصا صريحة " لذا فإنه لا ينسى أن ينبه على ما يتوقعه من ريبة من القارئ بأن ابن تيمية لم يقل هذا، وإنما ساقه حجة للمثبتين على النفاة دون التزامه، لا سيما وقد نص على ذلك فيما نقلناه عنه،وهذا يحدث -على الأقل- احتمال عدم صحة نسبة هذه الأقوال إليه ..
ولكن الأستاذ دائما يتقدم بين يدي القارئ بأن المثبتين هم المجسمة من الكرامية والحنابلة وتارة بأنهم أهل الحق عند ابن تيمية وتارة بأنهم أهل الحديث والأثر ورغم كل ذلك فنقول للأستاذ فودة وللقارئ أن هذا لا يعني أن ابن تيمية يقول بهذا ضرورة فهي طريقة استنتاجيه في نهاية الأمر مبناها على التخرص والتخمين لا القطع عند جميع العقلاء.
لان القول بأن هذا قول المثبتين .. والمقصود بالمثبتين هم كذا وكذا ... وبما أن ابن تيمية لا يخرج عن قول المثبتين وقد ساق هذا القول على سبيل الاحتجاج ولم يعلق عليه ... فيعتبر هذا قول له ... - فعلى فرض صحة هذا - فهو عند جميع العقلاء من قبيل الإلزام والاحتمال، يحتاج إلى دليل آخر يرجح ما ذهب إليه الأستاذ ...
- وهذه الطريقة على فرض صحتها فهي لا تعني على أي حال ما يدعيه الأستاذ فودة دائما من صراحة النصوص.
فإذا كانت هذا طبيعة كل دليل أتى به الأستاذ فكيف يدعي بعد ذلك صراحة الأدلة ووضوحها وقطعيتها؟!
وكيف هذا وقد نص ابن تيمية رحمه الله على مراده بما يقطع الطريق على كل متخرص كما سبق تفصيل ذلك في مقدمة هذا البحث ومع ذلك يأتي الأستاذ ويقول:
(بهذه النصوص الواضحة الجلية، تستطيع أن تتيقن بأن الرجل غارق في التجسيم الصريح، ولا يستطيع أحد من أصحابه ولا أتباعه دفع هذه الصفة عنه بأساليبهم الماكرة وأقوالهم الفارغة)
أقول: الحمد لله فأنت إلى الآن لم تستطع أن تبرز للقارئ نصا صريحا يقرر فيه ابن تيمية رحمه الله بأن الله جسم، وكل ما سبق يؤكد للقارئ مدى تلاعب الأستاذ فودة وتحايله عليه ولله الأمر من قبل ومن بعد ..
وللقارئ الفطن عزائنا الحار في " النصوص الصريحة " على تجسيم ابن تيمية!
والله الموفق
¥