فهذه الطريقة كما ذكر رحمه الله في (مناظرات الطوائف التي كل منها يخالف السنة ولو بقليل) يتوصل فيها إلى إبطال قول الخصم بقول من يقابله أو يبين تناقضه وصحة قول مخالفة أو قربه إلى الحق وليس في ذلك تقرير لأي من القولين ولا تصحيح لها بل الأمر كما قال رحمه: (بيان رجحان بعض الأقوال على بعضولهذا كان كثير منمناظرة أهل الكلام إنما هي في بيان فساد مذهب المخالفين وبيان تناقضهم لأنه يكون كلمن القولين باطلا فما يمكن أحدهم نصر قوله مطلقا فيبين فساد قول خصمه) فهذه الطريقة التي نص عليها رحمه الله لا يمكن تجاهلها عند التعرض لنسبة أي من القوال إليه ...
- ولا شك أن النفاة هم من ينفون صفات الله سبحانه وتعالى سواء كانوا معطلة كالجهمية والمعتزلة وأكثر الفلاسفة أو ممن يثبت بعض الصفات وينفي بعضها الأخر مثل الاشاعرة.
- ويقابل هؤلاء النفاة طوائف متعددة من النظار المتكلمين من الكرامية وغيرهم فهم مع السلف خصوم هؤلاء النفاة.
2 - وقال رحمه الله:
(والمناظرة تارة تكون بين الحق والباطل وتارة بين القولين الباطلين لتبين بطلانهما أو بطلان أحدهما أو كون أحدهما أشد بطلانا من الآخر فإن هذا ينتفع به كثيرا في أقوال أهل الكلام والفلسفة وأمثالهم ممن يقول أحدهم القول الفاسد وينكر على منازعه ما هو أقرب منه إلى الصواب فيبين أن قول منازعه أحق بالصحة إن كان قوله صحيحا وأن قوله أحق بالفساد إن كان قول منازعه فاسدا لتنقطع بذلك حجة الباطل فإن هذا أمر مهم إذ كان المبطلون يعارضون نصوص الكتاب والسنة بأقوالهم فإن بيان فسادها أحد ركني الحق وأحد المطلوبين فإن هؤلاء لو تركوا نصوص الأنبياء لهدت وكفت ولكن صالوا عليها أصول المحاربين لله ولرسوله فإذا دفع صيالهم وبين ضلالهم كان ذلك من أعظم الجهاد في سبيل الله ................
فهذه الحجة وأمثالها من حجج النفاة يمكن إبطالها من وجوه كثيرة بعضها (من) جهة المعارضة بأقوال أهل باطل آخروبيان انه ليس أولئك بأبطل من قول هؤلاء فإذا لم يمكن الاستدلال على نفي أحد القولين إلا بالمقدمة التي بها نفي القول الآخر لم يكن نفي أحدهما أولى من نفي الآخر بل إن كانت المقدمة صحيحة لزم نفيهما جميعا وغن كانت باطلة لم تدل على نفي واحد منهما فكيف إذا كانت المقدمة التي استدل بها المستدل على نفي قول منازعه قد قال بها وبما هو أبلغ منها؟) 2/ 281 درء التعارض
3 - وقال رحمه الله:
(وقد بسطنا كلام هؤلاء وخصومهم في الحكومة العادلة فيما ذكره الرازي في تأسيسه من المجادلة ... ) إبطال التحليل 0ج:1/ 402
فما كان في كتاب بيان التلبيس كان على هذا الوجه من المناظرة فليتأمل.
4 - وقال أخيرا:
( .. ونحن نورد من كلامهم ما يتبين به أن جانبهم أقوى من جانب النفاة وليس لنا غرض في تقرير ما جمعوه من النفي والإثبات في هذا المقام بل نبين أنهم في ذلك أحسن حالا من نفاة انه على العرش فيما جمعوه من النفي والإثبات وقد أجاب هؤلاء عما ألزمهم النفاة من التجسيم الذي هو التركيب والانقسام .... )
بيان تلبيس الجهمية ج: 2 ص: 63
فكل ما سبق يؤكد ما ذكرته سابقا في ثنايا ما سجلته في نقض الكاشف للأستاذ فودة من أن ما ذكره ابن تيمية رحمه الله في رده على الرازي ومعارضته بأقوال متكلمة أهل الإثبات كان على طريقة المناظرة المذكورة أعلاه من مقابلة حجج الخصوم بعضها ببعض وبيان فسادها تناقضهما أو ترجيح أحدها على الأخرى دون إثبات أحقية الراجح منها على المرجوح مطلقا بل قد يكون من جهة العقل تارة أو من جهة الشرع تارة أخرى بحسب قربه منه وأيضا دون التزام القول بأي من هذه الأقوال كما نص بنفسه على ذلك فيما سبق في النقل الرابع.
والله الموفق
ـ[أبو جرير السلفي]ــــــــ[23 - 10 - 08, 12:42 م]ـ
بعد ما تعرضنا فيما سبق إلى تقسم اهل الإثبات على الإجمال واتضح أنهم ينقسمون إلى قسمين رئيسين
- الأول: هم أهل الإتباع المحض من الصحابة والتابعين والأئمة.
- والثاني: هم مثبتة الصفات أو بعضها من أهل الكلام ومن تأثربهم أهل الحديث والفقه وأتباع المذاهب.
¥