تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثالث: التشبه بهم فيما يمارسونه من أعمال محرمة كتبرج النساء، وفعل اللواط والزنا، وحلق اللحى، وشرب الخمور، وأكل الميتة والخنزير، والأكل والشرب بالشمال، واتخاذ القبور مساجد، ولبس الرجال للذهب والحرير ونحوها. فهذه كلها محرمة لنهي الشارع عنها، ولأن فيها مضاهاةً للكفار وتشبهاً بهم.

وإذا عرفنا ضوابط التشبه المحرم علمنا أن اتخاذ هذه الأيام كاليوم العالمي للأم أو للعمال أو للمرور أو للشجرة أو اليوم الوطني وأمثالها ليست من التشبه بالكفار في شيء، لأنها ليست من شعائر دينهم، ولا من خصائص عاداتهم، ولا من الأعمال المحرمة شرعاً، وإن كانت في الأصل جاءت من الكفار، لكنها أصبحت شائعة في كل دول العالم مسلمها وكافرها، وهي تشبه ما أخذناه عن هؤلاء الكفار من ركوب السفن والسيارات والطائرات، والتعامل مع البنوك والبورصات، والأكل بالملاعق وعلى الطاولات، والأخذ بنظام التعليم، ونظام المرور، ونظام السجون، ونظام الجوازات والأحوال المدنية، وغيرها من أنظمتهم الإدارية والتعليمية والاجتماعية والصحية والاقتصادية والعسكرية والسياسية.

قال شيخنا العلامة محمد بن عثيمين في "الشرح الممتع" 3/ 237: "التشبه بالكفار حرام، ولكن لا بد أن نعرف ما هو التشبه، وهل يشترط قصد التشبه؟

فالجواب: أن التشبه أن يأتي الإنسان بما هو من خصائصهم، بحيث لا يشاركهم فيه أحد كلباس لا يلبسه إلا الكفار، فإن كان اللباس شائعاً بين الكفار والمسلمين فليس تشبهاً، لكن إذا كان لباساً خاصاً بالكفار، سواء كان يرمز إلى شيء ديني كلباس الرهبان، أو إلى شيء عادي لكن من رآه قال: هذا كافر، بناء على لباسه فهذا حرام".

إلى أن قال: "فإن قال قائل: على قولكم حرموا قيادة الطائرات التي تحمل الصواريخ، وما أشبه ذلك؛ لأن الذين يقودونها كفار؟

فالجواب: أن هذه ليست من أزيائهم التي يتحلون بها، ويتخذونها شعاراً لهم، فهذه آلة يقودها الكفار، ويقودها المسلمون، والصحابة لما فتحوا البلاد ركبوا السفن التي يصنعها الكفار، والتي هم بها أدرى، ولم يقولوا: إذا ركبنا السفينة صرنا متشبهين" ا. هـ

وأما الإشكال الثالث: وهو أن إباحة الاحتفال بمثل هذه الأيام يستلزم إباحة الاحتفال بالمولد النبوي وليلة الإسراء والمعراج والهجرة وبدر وفتح مكة وأمثالها من المناسبات الشرعية، كما يستلزم إباحة الاحتفال بعيد الحب وأمثاله من الأعياد الكفرية الفاجرة.

فالجواب عنه: بأن هذا قياس مع الفارق الكبير، وقياس لما الأصلُ فيه الإباحة على ما الأصلُ فيه التحريم!! وذلك أن من يحتفلون بالمولد النبوي أو الهجرة أو فتح مكة أو نحوها من المناسبات الشرعية إنما يفعلون هذا تقرباً إلى الله تعالى بهذا الاحتفال، والقاعدة الشرعية المتفق عليها عند جميع العلماء أن العبادة مبناها على الحظر والمنع إلا ما دل عليه الشرع، فالعبادات توقيفية، لا يجوز لأحد أن يتقرب إلى الله تعالى بشيء لم يأذن به الله، فأي عبادة يتقرب به العبد إلى الله لم يدل عليها شرع الله فإنها مردودة على صاحبها، غير مقبولة منه، ولا يبرر بدعته حسن نيته وسلامة مقصده، فكم من مريد للخير لم يبلغه، وقد قال الله تعالى منكراً على أهل البدع: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}، وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد" فهذه بدعة مردودة، وقد تكرر المولد النبوي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد بعثته ثلاثة وعشرين عاماً لم يحتفل به مرة واحدة طيلة حياته، ولو كان هذا من دين الله، ومما يقرب إلى الله لفعله ولبلغه للناس، لأن الله تعالى أوجب عليه البلاغ والتبيين، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، وفي صحيح مسلم عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم"، كما أن صحابته وتابعيهم بإحسان لم يحتفلوا بهذا اليوم، وهم أحرص الناس على الخير، وأكمل المؤمنين محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعظيماً لسنته، فلو كان خيراً لسبقونا إليه. ولم يعرف الاحتفال بهذا اليوم إلا في القرن الرابع الهجري على يد الفاطميين الرافضة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير