تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مريضة، من مثل كتاب (شواهد الحق) ليوسف النبهاني، و (الرد المحكم المتين) لعبد الله [الغماري]، والقصد منها الدعوة إلى الشرك في العبادة، وحث المسلمين على الاستغاثة بالأموات، ودعائهم في النوازل والأزمات، في ما لا يقدر عليه إلا الله.

ومن العجيب أن الشيخ عبد الله كان كشيخه وشقيقه أبي الفيض؛ لا يعرف توحيد الإلهية، بدليل أنه ذكر في رسالته (إتحاف الأذكياء بجواز التوسل بالأنبياء والأولياء) ص/19، طبعة تطوان، ما نصه: (في هذين الحديثين ـ يعني حديث: «إن لله ملائكة في الأرض ... » وحديث: «إذا أضل أحدكم شيئا أو أراد عونا ... »، وكلا الحديثين ضعيف! ـ دلالة على أمرين: الأول: جواز الاستعانة والاستغاثة بالمخلوق؛ فيما يقدر عليه [!]، خلافا للوهابية الذين يجعلون كل استعانة واستغاثة شركا ... ).

وهذا كذب وبهتان عليهم، ولا يمكن لعاقل أن ينكر هذا النوع من الاستغاثة، لأنه داخل في باب الأسباب.

وقد ناظرت الشيخ عبد الله في هذا بتطوان، بعد عودته من مصر.

والغريب أنه احتج لجواز الاستغاثة مطلقا بقوله تعالى: (فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه)، وناقشته في هذا الاستدلال، فإذا به لا يفرق بين الاستغاثتين، كما لا يفرق بين التوسل والاستغاثة، مع وضوح الفرق بينهما! وتراه هنا يقول: (أما ما لا يدخل في قدرة المخلوق؛ فلا يستعان فيه إلا بالله، ولا يستغاث إلا به؛ وهذا بإجماع المسلمين)!

وبهذا الكلام هدم ما تعب فيه من قبل ومن بعد؛ مما زعمه ردا على الوهابية ومن قبلهم من مشايخ العلم الصحيح والدين المتين، كابن تيمية وتلاميذه الأبرار، وهو لم يفهم كلامهم.

نعم! هو يسرع الخطى للإيمان بالخرافات والانتصار لها والدعوة إليها، كما تراه في رسالته المشار إليها في صفحة 32، من وصف السيدة نفيسة ـ دفينة القاهرة ـ: (خفيرة ديار مصر)؛ أي حارستها، كما يعتقد العامة وأشباهم، بالمغرب وغيره؛ أن لكل مدينة وقرية وليًّا يحميها، ويحوطها بعنايته.

وهم وإن كانوا يرون الواقع خلاف هذا: لا ينفكون عن هذه الموبقات، بل تأييدهم لهم قولا وعملا، كما تراهم بالقرويين، على رمية بحجر من الضريح الإدريسي. وبهذا تتحقق غربة الإسلام بين أهله، التي أنذر بها النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

ومع هذا: فإن من أهداف الشيخ عبد الله بعد قدومه إلى المغرب: محاربة الوهابية، وهو ضرب في حديد بارد! لأنهم في المغرب قلة، ولو ألهم رشده لجعل من أهدافه: محاربة الزوايا والمتصوفة، الذين أهلكوا الحرث والنسل ـ على حد تعبير شقيقه الشيخ الزمزمي ـ.

كما أنني ضحكت بملء فيَّ حينما سمعته يقول عن الأزهريين، أنهم كانوا يلقبونه: (الخرافي رقم 1)! وقد صدقوا والله.

هذا ما يتعلق بعبد الله.

أما أبو الفيض فهو كما شرحت: لا سلفي ولا خلفي، فهو ضد الأشاعرة والماتردية، وبالتالي: المتكلمين والفلاسفة، ولا يقول بمذهب الجمهورـ والصواب معهم ـ أن الشيخ أبا الحسن الأشعري انتهى به المطاف إلى التوبة إعلانها، على منبر جامع البصرة، وأنه على مذهب الإمام المبجل: أحمد بن حنبل، كما سجل بقلمه في كتابه (مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين)، وكتابه (الإبانة عن أصول الديانة)؛ فإن الشيخ ضرب بهذا عرض الحائط، وأصر على أن الأشعري لم يتب، وأنه مازال مصرا على التأويل، وما معه إلا الصفات السبعة، واعتمد في هذا على رسالة الأشعري (اللمع في الرد على أهل الأهواء والبدع)، ولم يلتفت إلى غيرها، ومنها: شنَّ الغارة عليه، وسلقه بلسانه الحاد، ولم يفرق بينه وبين الأشاعرة الزاعمين أنهم على مذهبه.

والعجيب أننا لم نر واحدا من متقدميهم ومتأخريهم يشير على حال أبي الحسن وتوبته رحمه الله.

ومن فواقر أبي الفيض: أنه أعلن الحرب على السلف والخلف في مسألة المعية، مصرا على أن تفسيرها بالعلم؛ كما فسرها الله تعالى في آية العلم؛ وهو قوله تعالى: (ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض. ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم)، [إلى أن قال تعالى]: (إن الله بكل شيء عليم)، فختمها ربنا تعالى بالعلم، كما افتتحها به، وهي محكمة، فيجب رد المتشابه إليها ـ إن كان هناك متشابه! ـ فإن أئمة السلف مطبقون على أن معيته تعالى بالعلم، ولكن أبا الفيض ـ لحاجة في نفسه ـ يصر على أنها بالذات؛ ليتدرج إلى الحلول ثم إلى وحدة الوجود ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير