وهذا رد مبارك من أحد الإخوة نشر في يومية الخبر ليوم 16/ 03/2009 ردا على مقال نشره " شمس الدين في نفس اليومية بتاريخ 23/ 02/2009
الاحتفال بالمولد ليس سنة حسنة
بقلم: أحمد ذيب -باحث في الشريعة الإسلامية
كلما أطل علينا شهر ربيع الأول إلا وانبرى للناس بعض من يكتب على صفحات الجرائد يثير الجدل ويستثير الخلاف، ويسعى إلى هدم ما بناه شباب الصحوة وأتباع السنة.
ولعمري! إن طالب الحق المخلص في طلبه، الجاد في البحث عنه، ليدعو الناس إلى الوفاق لا إلى الخلاف، وإلى السنة لا إلى البدعة، وإلى الحكم لا إلى المتشابه.
فمن علامات الخذلان أن يشغل المرء بتتبع الفرطات، وتصيد الهفوات، ونصرة الغريب المهجور. وحق من كان هذا هو منهجه ودينه أن يضرب ظهره بالجريد ويطاف به في الأسواق حتى يعرف شره ويتصور ضرره.
هذا، وإني لأشعر بأن كثيرا من إخواني طلبة العلم ورواد المعرفة قد نأوا بأوقاتهم من أن تصرف في الرد على هذا الذنَب، وأنا معهم في ذلك، غير أنني رأيت أن ما أثاره الشيخ شمس الدين من الشبهات قد انطلى على بعض العامة وأشباه العامة، فرأيت المصلحة في رد عواره وكشف تلبيسه، لأنه من يركب متن عمياء، ويخبط خبط عشواء، فحق على أهل العلم تقويم اعوجاجه، وتمييز حلوه من أجاجه تحذيرا للمطالع، وتنزيلا في البرج والطالع.
وأملي في القائمين على الجريدة أن ينشروا ردي هذا تكريسا لمبدأ الحرية في النقد وإبداء الرأي فإليك أخي القارئ الرد محصورا في النقاط التالية:
1 - زعمه أن علماء السنة سكتوا عن الأعياد البدعية:
قال: (وهكذا يحتفل الناس بعيد العمال وعيد المرأة وعيد الطلبة ... كل هذه الأعياد والحشوية ساكتون صامتون).
قلت: من قال لك إننا ساكتون عن مثل هذه الأعياد المحدثة، فلا يزال علماء السنة يحذرون من مغبة ابتداع الأعياد في دين الله، ولاسيما الأعياد التي يظهر الناس فيها جانب التعبد كالاحتفال بالمولد. أما ما ذكرته من الأعياد الدنيوية، وإن كنا لا نقر الاحتفال بها كما زعمت، إلا أن ضررها ليس كضرر النوع الأول، فتنبه! وعدم علمك بما كتبه علماؤنا الأجلاء من النصح والبيان في شأن هذه الأعياد لا يستلزم عدم الوجود، ولا أكتم عليك سرا وهو: أن المرء إذا كان مولعا بتتبع الشذوذ، وتبني الغرائب، فأنى له أن يسمع بالعلم المحكم الصحيح!
فالاشتغال بالباطل حجاب عن الحق، والخوض وفي المتشابه إعراض عن المحكم، واستحسان البدعة زهد في السنة، وهكذا فتدبر!
2 - استدلاله بوجوب الفرح به صلى الله عليه وسلم على مشروعية الاحتفال بمولده.
قال: (الفرح بمولوده واجب) ثم انطلق يثبت مشروعية الاحتفال بمولده.
أقول: نعم هذا حق لا يعترض عليه أحد، ولكن من أعظم صور التقصير في حقه صلى الله عليه وسلم أن لا نفرح به إلا مرة في السنة، بينما الفرح الصادق بالنبي صلى الله عليه وسلم يكون بطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع، لا بتحكيم الأهواء، والاختراع في الدين.
فالفرح كل الفرح في انتهاج منهجه، واقتفاء أثره، والذب عن سنته، فأهل السنة هم أسعد الناس به صلوات ربي وسلامه عليه، فحبهم للنبي صلى الله عليه وسلم حب شرعي مضبوط بنصوص الشرع وقواعد الاقتداء.
3 - استدلاله بفرح أبي لهب بمولوده صلى الله عليه وسلم: قال: (أبو لهب وقصة فرحة بمولده صلى الله عليه وسلم، ورد في كتب السنة والسيرة أن أبا لهب أعتق جاريته ''ثويبة'' من شدة فرحه لما بشرته بولادة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد رآه العباس بن عبد المطلب في النوم بعد وفاته فسأله عن حاله، قال: لم ألق خيرا بعدكم، غير أني سقيت في هذه بعاتقتي ثويبة، وإنه ليخفف عني في كل يوم اثنين ... )
قلت: والجواب عن هذه الشبهة من أوجه:
الأول: أن الأحكام الشرعية لا تثبت بالرؤى والمنامات، فديننا مكتمل ولله الحمد ولا يحتاج إلى مثل هذه الظنون والأوهام.
وإنك لتعجب من صاحبنا هذا حين ناقض نفسه بعد أسطر بقوله: ''ونحن لا نثبت حكما شرعيا بالمنامات).
أقول: إن كنت كذلك فلم أوردت هذه القصة لتقرر بها بدعة منكرة؟!
الوجه الثاني: أن فرح أبي لهب فرح طبيعي، فلا مانع أن يفرح الوالد بمولده، ولا القريب بقريبه .. هذا أمر جبل عليه الخلق، ففرح أبي لهب فرح طبيعي جبلي، وليس فرحا شرعيا، فتعلم.
¥