تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[مخاطبة أهل البدع باصطلاحاتهم]

ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[26 - 10 - 08, 07:42 ص]ـ

[مخاطبة أهل البدع باصطلاحاتهم]

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:

من أسباب قبول الباطل والنفور عن الحق عند كثير ممن تأثر بالمذاهب الخاطئة والباطلة؛ إخراج الحق بالألفاظ المتشابهة التي تشتمل على معان حقة وباطلة؛والمناظر لهؤلاء أو المقرر لمذهب السنة يضطر لمخاطبة هؤلاء باصطلاحاتهم؛وإن كان في ذلك مدخلا لؤلئك في تلبيس الحق على من لم يعرف مرادهم واصطلاحاتهم.

وخذ على ذلك أمثلة كثيرة كلفظ الجسم والتركيب فهذه من المصطلحات التي اتخذها أهل البدع لنفي صفات الله الخبرية كاليد والوجه.

وكلفظة المكان والجهة والتحيز لمن أثبت العلو.

قال ابن القيم رحمه الله لما ذكر الأسباب التي تحمل النفوس الجاهلة قبول التأويل:

السبب الثاني: أن يخرج المعنى الذي يريد إبطاله بالتأويل في صورة مستهجنة تنفر عنها القلوب, وتنبوا عنها الأسماع؛ فيتخير له من الألفاظ أكرهها وأبعدها وصولا إلى القلوب وأشدها نفرة؛ فكذلك أهل البدع والضلال من جميع الطوائف هذا معظم ما ينفرون به عن الحق ويدعون به إلى الباطل؛ فيسمون إثبات صفات الكمال لله تجسيماً وتشبيهاً وتمثيلاً ويسمون إثبات الوجه واليدين له تركيباً , ويسمون إثبات استوائه على عرشه , وعلوه على خلقه فوق سمواته تحيزا. الصواعق (2/ 438)

ولذلك لجأ أهل السنة إلى قاعدة مهمة في رد هذا المنهج ألا وهو منهج التفصيل والبيان والاستفصال عن المعنى المراد.

قال شيخ الإسلام: وما يذكر من الألفاظ المجملة فإني أبينه أفصله لأن أهل الأهواء كما قال الإمام أحمد فيما خرجه في الرد على الزنادقة والجهمية فيما شكت فيه من متشابه القرآن وتأولت غير تأويله قال: الحمدلله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون منهم على الأذى يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنور الله أهل العمى فكم من قتيل لابليس قد أحيوه وكم من ضال تائه قد هدوه؛ فماأحسن أثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين الذين عقدوا ألوية البدعة وأطلقوا عنان الفتنة فهم مخالفون للكتاب مختلفون في الكتاب مجتمعون على مفارقة الكتاب يقولون على الله وفي الله وفي كتاب الله بغير علم يتكلمون بالمتشابه من الكلام ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم ,وذلك مثل قولهم ليس بمتحيز ولا في جهة ولا كذا ولا كذا؛ فان هذه ألفاظ مجملة متشابهة يمكن تفسيرها بوجه حق ويمكن تفسيرها بوجه باطل فالمطلقون لها يوهمون عامة المسلمين أن مقصودهم تنزيه الله عن أن يكون محصورا في بعض المخلوقات ويفترون الكذب على أهل الإثبات أنهم يقولون ذلك كقول بعض قضاتهم لبعض الأمراء أنهم يقولون إن الله في هذه الزاوية , وقول آخر من طواغيتهم أنهم يقولون إن الله في حشو السموات ولهذا سموا حشوية إلى أمثال هذه الأكاذيب التي يفترونها على أهل الاثبات ثم يأتون بلفظ مجمل متشابه يصلح لنفي هذا المعنى الباطل ولنفي ما هو حق فيطلقونه فيخدعون بذلك جهال الناس فإذا وقع الاستفصال والاستفسار انكشفت الأسرار وتبين الليل من النهار وتميز أهل الايمان واليقين من أهل النفاق المدلسين الذين لبسوا الحق بالباطل وكتموا الحق وهم يعلمون.

الفتاوى الكبرى (6

352)

وقال أيضا رحمه الله:

وإذا كانت هذه الألفاظ مجملة فالمخاطب لهم إما أن يفصل , ويقول ما تريدون بهذه الألفاظ؛ فإن فسروها بالمعنى الذي يوافق القرآن قبلت , وإن فسروها بخلاف ذلك ردت , وإما أن يمتنع عن موافقتهم في التكلم بهذه الألفاظ نفيا وإثباتا؛ فإن امتنع عن التكلم معهم فقد ينسبونه إلى العجز والانقطاع.

وإن تكلم بها معهم نسبوه إلى أنه أطلق تلك الألفاظ التي تحتمل حقا وباطلا , وأوهموا الجهال باصطلاحهم أن إطلاق تلك الألفاظ يتناول المعاني الباطلة التي ينزه الله عنها.

درء تعارض (1/ 133)

وقد قرر شيخ الإسلام أن التكلم بالاصطلاحات المحدثة ليس فيه محذور إلا إذا تضمن المعاني الباطلة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير