تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن المهم هنا أن نذكر أن فقهاء الشيعة في مقابل تضييقهم على أتباعهم بفرض الخمس في أموالهم، فتحوا لهم المجال واسعا بإباحتهم أكل أموال أهل السنة - والذين يسميهم الشيعة بـ" الناصبة " - واعتبار ذلك من الأعمال المندوب إليها، ويذكرون في ذلك نصوص ينسبونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم والسلف زورا وبهتانا، مثل: " خذ مال الناصب حيثما وجدته وادفع إلينا الخمس"، " مال الناصب وكل شيء يملكه حلال" وجاء في كتب الفقه عندهم "إذا أغار المسلمون على الكفار فأخذوا أموالهم فالأحوط بل الأقوى إخراج خمسها من حيث كونها غنيمة ولو في زمن الغيبة وكذا إذا أخذوا بالسرقة والغيلة " (العروة الوثقى) ومن المسلم به أن مفهوم الكفار عند الشيعة الإثنى عشرية يشمل كل المسلمين ما عدا طائفتهم ..

ثانيا: الخمس نصفه الأول للمرجعيات، والنصف الآخر .. للمرجعيات:

قرر فقهاء الشيعة أن الخمس يقسم ستة أسهم، سهم لله وسهم للنبي عليه الصلاة والسلام، وسهم للإمام، وهذه الثلاثة تدفع لصاحب الزمان يعني المهدي الغائب المنتظر – لاحظ أنها لم تكن تدفع من الأصل لأي من الأئمة الإثنى عشر في حياتهم – وطالما أنه لم يظهر بعد، فإن نصيبه يذهب مؤقتا للفقيه الشيعي المجتهد، أما الأسهم الثلاثة الأخرى للأيتام والمساكين وأبناء السبيل، فيوزعها الإمام أيضا بمعرفته وعن طريق وكلائه المنتشرين في بقاع جغرافية في أنحاء العالم، ويشترط أن توزع على الشيعة الإمامية لا غيرهم ..

ويقول الدكتور علي السالوس: " ومن واقع الجعفرية في هذا الأيام نجد أن من أراد أن يحج يقوم كل ممتلكاته جميعاً ثم يدفع خمس قيمتها إلى الفقهاء الذين أفتوا بوجوب هذا الخمس وعدم قبول حج من لم يدفع، واستحل هؤلاء الفقهاء أموال الناس بالباطل " ويعتبر كثير من المختصين أن حرص حكومة الملالي على زيادة أعداد حجاجها سنويا هو بغرض تعظيم نسبة الخمس التي يدفعها هؤلاء قبل حجهم ..

ثالثا: تأثير الخمس في المذهب الشيعي:

يمكن بثقة أن نقول – والله أعلم – أنه لولا الخمس لاندثر المذهب الشيعي منذ زمن بعيد، فقد كان المال المتدفق من هذه الفريضة هائلا للدرجة التي حولت المرجعيات الدينية الشيعية إلى أباطرة يحكمون كقادة الدول، ويتحكمون في العباد وأحوالهم، ويقدرون على أن يُسيروا في ركاب مذهبهم من يغريه بريق الذهب، فصادف المذهب مراحل انتعاش كبرى وتوسعت دائرة أتباعه، ولكن مع ملاحظة أن عددا كبيرا منهم كان العامل المشترك بينهم الاستجابة للبريق الأصفر ..

والحال هكذا أصبح منصب المرجع منصبا تهفو إليه القلوب وتتطلع له الأنظار، لأنه مصب القناطير المقنطرة من الذهب والفضة، وأصبحت البلد التي تجمع كبار المرجعيات وتعد عاصمة المذهب الشيعي وقبلته العلمية، مدينة خليقة بأن توضع في مصاف الدول، كونها تجمع بقوة المال نفوذا وسلطانا هائلين، وقد تمكن الخميني بفضل قوة المرجعية الشيعية في قم وإمكاناته المالية الهائلة من إسقاط نظام الشاه في إيران، ومن ثم فتح المجال واسعا لضخ كميات هائلة من الأموال إلى خزائن المرجعيات في قم في غيبة تامة للنجف ..

وهذه القدرة التمويلية هي التي غذت وتغذي دور النشر التي تقذف سنوياً بمئات النشرات والكتب والمراجع المليئة بما هو ضد الأمة الإسلامية السنية ودينها، والتي كانت الصبغة الإيرانية واضحة عليها طيلة السنوات الخمس والعشرين الماضية، حتى أن كثيرا من ذوي التطلعات والراغبين في الإثراء من الكتاب والصحفيين والإعلاميين بصفة عامة، وبعض رجال الدين والنافذين في مجالات مختلفة، كانوا يسعون لتقديم خدماتهم للمارد المالي الشيعي، ولو بتحولهم إلى دعاة للمذهب الشيعي في بلادهم ..

ويمتد أثر هذا المال المتراكم إلى العلاقة بين الشيعة والسنة، حيث يقول د. علي السالوس: " وأعتقد أنه لولا هذه الأموال لما ظل الخلاف قائماً بين الجعفرية وسائر الأمة الإسلامية إلى هذا الحد، فكثير من فقهائهم يحرصون على إذكاء هذا الخلاف حرصهم على هذه الأموال " ..

ويذكر بعض الباحثين أن توافر المال بهذه الصورة بين أيدي علماء الشيعة جعلهم – عن طريق أتباعهم - يحاولون السيطرة على معظم الأعمال التجارية والشركات ومواد التموين في البلاد التي يتواجدون فيها، حتى يتحكموا بأقوات الناس وضرورياتهم ..

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير