تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأخبرني ببعض حوادث كبار تجري في المستقبل ولم يعين أوقاتها وقد رأيت بعضها وأنا أنتظر بقيتها وما شاهده كبار أصحابه من ذلك أضعاف أضعاف ما شاهدته والله أعلم. انتهى

فكلام ابن القيّم رحمه الله تعالى واضح بيّن أنّه عن الفراسة لا عن علم الغيب الذي ادّعى (سلطان علمائكم) العزّ بن عبد السلام رحمه الله أنّ من النّاس من يقرأ في اللوح المحفوظ!!

ولو تأمّل القارئ قليلا في تكرار الإمام ابن القيّم لكلمة ((استدلال)) لبان له أنّ المقصود هو الفراسة لا ادّعاء القراءة في اللوح المحفوظ!!

ذلك أنّ الاستدلال مبنيٌّ على المُشاهدة والتجربة فشيخ الإسلام رحمه الله لسعة مشاهدته واطّلاعه وسعة خبرته لحال النّاس استطاع أن يستدلّ بالأحوال الظاهرة على الأحوال الباطنة أو الأحوال الحاضرة على الأحوال الغائبة وهكذا.

فأين هذا من ذاك؟؟!!

أمّا عن قول شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: (( ... لا تكثروا كتب الله تعالى في اللوح المحفوظ: أنهم مهزومون في هذه الكرة وأن النصر لجيوش الإسلام ... )). فليس من ادّعاء القراءة في اللوح المحفوظ في شيء وإنّما المقصود أنّ الله تعالى قد كتب في اللوح المحفوظ أنّ الأرض يرثها عباده الصالحون وأنّ النّصر والتمكين يكون لأهل التوحيد والسنّة وأهل الطاعة والإنابة فلمّا رأى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تحقّق هذه الأوصاف والشروط في الجيش الذي كان هو فرداً من أفراده وجُنديّا من جنوده قال رحمه الله: ((لا تكثروا كتب الله تعالى في اللوح المحفوظ: أنهم مهزومون في هذه الكرة وأن النصر لجيوش الإسلام)). مصداقا لقوله تعالى:

((وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ))

وقوله ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ))

وقوله ((قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ))

وقوله ((إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ))

وقوله: ((وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ))

وقوله: ((بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ. وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ))

وقوله: ((وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً)).

قال الشيخ عبد المالك رمضاني حفظه الله: ((فدلَّ هذا الخبر الكريم على أنَّ ولايةَ الله ونصرَه يُرفعان عن عن أهل السوء؛ وذلك لأنَّ عدوَّ المسلمين لا ينتصرُ عليهم لقوَّتِه، وإنَّما ينتصرُ عليهم حين يتْركُهم ربُّهم، ويَكِلُهم إلى أنفسِهم، فهنالك تكون الغلبة لِمَن غلب، والله المستعان)).

وقال حفظه الله: ((أعظمُ شيءٍ يُعِدُّه المؤمنون ليتَقَوَّوْا على عدُوِّهم هو أن يتَّصلوا بالله، توحيداً، ومحبَّةً، ورجاءً، وخوفاً، وإنابةً، وخشوعاً، وتوكُّلاً، ووُقوفاً بين يديه، واستغناءً عمّا سِواهُ، فقد بيَّن اللهُ تعالى في كتابه أنَّ المستحقِّين للاستخلاف في أرضه هم الذين استقرَّ في قلوبهم الخوفُ من مقامه والخوفُ من وعيده، فقال: ((وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ. وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الأَرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ)).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير