وهؤلاء هم أهل التوحيد الخالص الذين وعدهم الله بالنَّصر والتمكين والأمن والاستخلاف، فقال: ((وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً)). انتهى من مواضع مختلفة من كتابه الماتع ((السبيل إلى العزّ والتمكين))
وفعلا فقد كانت الغلبة لجيش المُسلمين وهُزم التتر هنالك وانقلبوا خاسئين. فإنّه (لَمَّا داهمَ التَّتارُ أهلَ الشّام، خرج المسلمون لمواجهتهم، وكانت فيهم شركيَّاتٌ، فجل ابنُ تيمية – رحمه الله – يصحِّح عقيدَتَهم ويدعوهم إلى التوحيد، كما قال في ردِّه على البكري المطبوع باسم ((تلخيص كتاب الاستغاثة)) (2/ 731 – 738:ت تحقيق عجال):
((وكان بعض الأكابر من الشيوخ العارفين من أصحابنا يقول: هذا أعظم ما بيَّنتَه لنا؛ لعلمه بأنَّ هذا أصلُ الدِّين، وكان هذا وأمثالُه في ناحيةٍ أخرى يدعون الأمواتَ، ويسألونهم، ويستجيرون بهم، ويتضرَّعون إليهم، وربَّما كان ما يفعلونه بالأموات أعظم؛ لأنَّهم إنَّما يقصدون الميِّتَ في ضرورةٍ نزلت بهم، فيدْعونه دعاء المضطرّ، راجين قضاءَ حاجتهم بدعائه والدّعاء به أو الدعاء عند قبرة، بخلاف عبادتهم اللهَ تعالى ودعائهم إيّاه، فإنْهم يفعلونه في كثيرٍ من الأوقات على وجه العادة والتكلُّف، حتّى إنَّ العدوَّ الخارج عن شريعة الإسلام لما قدم دمشق خرجوا يستغيثون بالموتى عند القبور التي يرجون عندها كشفَ ضرِّهم، وقال بعض الشعراء:
يا خائفين من التَّتْر****لوذوا بقبر أبي عُمَرْ
أو قال:
عوذوا بقبر ابي عُمَرْ****يُبْجِيكم من الضَّرَرْ))
ثمَّ قال – رحمه الله – بعد كلامه السابق:
((فلمّا أصلح الناسُ أمورَهم وصدقوا في الاستغاثة بربِّهم نصَرَهم على عدوِّهم نصراً عزيزاً، ولم تُهزم التتار مثل هذه الهزيمة قبل ذلك أصلاً؛ لما صحّ من تحقيق توحيد الله تعالى وطاعة رسوله ما لم يكن قبل ذلك؛ فإنَّ اللهَ تعالى ينصرُ رسولَه والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهادُ)) انتهى من ((السبيل إلى العزّ والتمكين)).
فبان بهذا الكلام إن شاء الله تعالى مقصود شيخ الإسلام ابن تيمية من قوله: ((كتب الله تعالى في اللوح المحفوظ: أنهم مهزومون في هذه الكرة وأن النصر لجيوش الإسلام)) وهو بعيد جد البعد عن كلام العزّ بن عبد السلام: ((ومنهم من يرى اللوح المحفوظ ويقرأ ما فيه وكذلك يسمع أحدهم صرير الأقلام وأصوات الملائكة والجان))!!!!
ولمزيد البيان فهذا كلام لشيخ الإسلام رحمه الله تعالى واضح بيّن أختم به هذا المقال فيه دفع لأيّ شُبهة قد تعلقُ في ذهن من لم يعرف للنّاس قدرهم ولم ينزلهم منازلهم.
قال رحمه الله تعالى:
((فان قيل هم يذكرون لمعرفة النبي بالغيب سببا آخر وهو أنهم يقولون أن الحوادث التي في الأرض تعلمها النفس الفلكية ويسميها من أراد الجمع بين الفلسفة والشريعة باللوح المحفوظ كما يوجد في كلام أبى حامد ونحوه وهذا فاسد فان اللوح المحفوظ الذي وردت به الشريعة ((كتب الله فيه مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة)) كما ثبت ذلك في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم واللوح المحفوظ لا يطلع عليه غير الله ... ((الرد على المنطقيين لابن تيمية)) ص474 الناشر: دار المعرفة، بيروت، لبنان.
هذا وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم.
أبو عبد الله غريب الأثري
27/ 08/2008 م
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[29 - 10 - 08, 05:19 ص]ـ
أظننى سمعت ان فى المسألة خلاف سائغ
وسمعت وفيها احاديث ضعيفة
ـ[ابو عبد الله غريب الاثري]ــــــــ[29 - 10 - 08, 07:57 م]ـ
أظننى سمعت ان فى المسألة خلاف سائغ
وسمعت وفيها احاديث ضعيفة
لستُ أفهم هذه الجملة أخي الكريم؟؟؟
أيّ خلاف في قول الله جل وعلى: قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله ... ؟؟؟
وما الذي جعل ادّعاء علم اختصّ به الله تعالى من الخلاف السائغ؟؟؟
وما ضابط الخلاف السائغ من غيره عند من يقول بهذا القول؟؟؟؟
إنّ من ادّعى علم الغيب ومنه الاطّلاع على ما في اللوح المحفوظ فهو كافر لا يشكّ مسلمٌ فضلا عن طالب علم في كفره وقد قال عليه الصلاة والسلام: من أتى كاهنا أو عرّافا فسأله فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمّد. أو كما قال عليه السلام
أرجو من الأخ أن يوضّح مفصوده من الكلام جزاه الله خيرا
ـ[خالد المرسى]ــــــــ[29 - 10 - 08, 11:22 م]ـ
جزاك الله خيرا
لا أذكر ممن سمعت هذا الكلام الان
لكن أستأذنك فى اختصار المقال أى مجمل القول فى أسطر لأقرأها ثم ارجع الى المقال عند الحاجة
وجزاك الله خيرا