[الاشتراك والاختصاص فيما يطلق على الرب جل وعلى وعلى العبد من الألفاظ]
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[29 - 10 - 08, 09:37 م]ـ
الحمد لله الذي لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى والصفات العليا، لا سمي له ولا شريك له في الآخرة والأولى
وصلى الله وسلم على أعلم الناس بربهم وأخشاهم له نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد
فإني لما رأيت تكرر الأسئلة عن بعض متعلقات هذا الباب العظيم رأيت أن أفرد له موضوعاً مستقلاً ليتيسر الرجوع إليه، والدلالة عليه لمن احتاج إلى جواب شيء من تلك المسائل
وكنت قد جمعت باباً من كتب الإمام ابن القيم رحمه الله عن مسائل الاشتراك والاختصاص فيما يطلق على الرب جل وعلى وعلى العبد من الألفاظ
فله كلام نفيس متفرق في كتبه جمعته ورتبته، وأسأل الله تعالى أن ينفع به ويبارك فيه
والملف في المرفقات
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلني وإياكم ممن آتاهم العلم والإيمان
وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن ويوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح
ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[29 - 10 - 08, 10:56 م]ـ
وينبغي توضيح قاعدة مهمة في هذه المسألة وهي أن ما يطلق على الله جل وعلا وعلى غيره من الألفاظ يختلف معناه اختلافا عظيماً بحسب المراد به، فما أريد به الله كان معناه على ما يقتضيه كماله جل وعلا
وإذا أطلق على العبد أريد به ما يناسب حاله من المعاني.
مثال ذلك: لفظ (العزيز) إذا أريد به الله عز وجل فهو من الأسماء الحسنى، ويكون معنى (أل) فيه لاستغراق المعنى، فتفيد اتصاف الله عز وجل بالعزة المطلقة، بجميع معاني العزة، وقد فسرها أهل العلم بعزة القدر وعزة القهر وعزة الغلبة.
وإذا أطلق على غير الله كما في قوله تعالى: (قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر)
فُسر معناه بحسب ما يناسب حال من أطلق عليه اللفظ
ففي هذه الآية أرادوا بالعزيز الملك، والعزيز اسم من أسماء الملك في لسان العرب، قال المخبل السعدي:
كعقيلة الدر استضاء بها = محرابَ عرش عزيزها العجْمُ
ويكون معنى (أل) في هذا الإطلاق للعهد وليس للاستغراق
والعهد له أنواع ثلاثة في لسان العرب: العهد الذكري، والعهد الذهني، والعهد الحضوري
مثال العهد الحضوري أن تخاطب رجلاً حاضراً فتقول له: يا أيها الرجل.
فتكون أل هنا للعهد الحضوري
ومثال العهد الذكري: أن تقول مررت برجل فسلمت عليه فقال لي الرجل: وعليك والسلام.
فتعريف الرجل في هذا المثال يراد به العهد الذكري، أي هو الرجل المعهود ذكره آنفاً.
ومثال العهد الذهني: أن يجري بينك وبين شخص حديث تريدون به رجلاً معيناً
فيقول أحدكما: هذا الرجل كذا كذا
فيكون التعريف ههنا للعهد الذهني، أي ما هو معهود في الذهن من إرادة هذا الرجل.
إذا تبين هذا فقوله تعالى: (قالوا يا أيها العزيز) معنى (ال) في (العزيز) العهد الحضوري.
وكذلك اسم (الملك) في قوله تعالى: (وقال الملك إني أرى سبع بقرات ... ) الآية
فهذه الأسماء عند إطلاقها على المخلوقين إنما يراد بها ما يناسب أحوالهم من المعاني
و (أل) فيهما إنما هي للعهد لا لاستغراق المعنى.