تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل يثبت الأشاعرة صفتي السمع والبصر لله؟!]

ـ[عبد الباسط بن يوسف الغريب]ــــــــ[18 - 11 - 08, 03:10 م]ـ

إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل الله فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

مقدمة

قيام الصفات الفعلية أو الصفات الاختيارية بالله عز وجل من المسائل التي اتفق أهل السنة على إثباتها وقد نفاها المتكلمون كالأشاعرة وغيرهم ويسمونها بمسألة حلول الحوادث.

وشبهة هؤلاء هي أنه لو قامت به الأفعال لكان محلا للحوادث , وإذا لم يخل منها لزم أن يكون حادثا.

قال شيخ الإسلام: " وإذا قالوا: لا تحله الحوادث , أوهموا الناس أن مرادهم أنه لا يكون محلاً للتغيرات والاستحالات , ونحو ذلك من الأحداث التي تحدث للمخلوقين فتحيلهم وتفسدهم , وهذا معنى صحيح , ولكن مقصودهم بذلك أنه ليس له فعل اختياري يقوم بنفسه ولا له كلام , ولا فعل يقوم به يتعلق بمشيئته وقدرته , وأنه لا يقدر على استواء أو نزول أو إتيان أو مجيء ,وأن المخلوقات التي خلقها لم يكن منه عند خلقها فعل أصلاً بل عين المخلوقات هي الفعل ليس هناك فعل ومفعول وخلق ومخلوق بل المخلوق عين الخلق والمفعول عين الفعل ونحو ذلك.

"درء التعارض" (1

245)

قال ابن القيم رحمه الله: وأما حلول الحوادث فيريدون به أنه لا يتكلم بقدرته وميشئته , ولا ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا, ولا يأتي يوم القيامة ولا يجيء, ولا يغضب بعد أن كان راضياً ولا يرضى بعد أن كان غضبان , ولا يقوم به فعل البتة ولا أمر مجدد بعد أن لم يكن , ولا يريد شيئا بعد أن لم يكن مريداً له , ولا يقول له كن حقيقة , ولا استوى على عرشه بعد أن لم يكن مستوياً عليه , ولا يغضب يوم القيامة غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله , ولا ينادي عباده يوم القيامة بعد أن لم يكن مناديا لهم ولا يقول للمصلي إذا قال: الحمد لله رب العالمين قال: حمدني عبدي.فإذا قال:الرحمن الرحيم.قال: أثنى علي عبدي.وإذا قال: مالك يوم الدين.قال: مجدني عبدي.

فإن هذه كلها حوادث , وهو منزه عن حلول الحوادث , وبعضهم يختصر العبارة , ويقول أنا أنزهه عن التعدد والتحدد والتجدد؛ فيتوهم السامع الجاهل بمراده أنه ينزهه عن تعدد الآلهة , وعن تحدد محيط به حدود وجودية تحصره وتحويه كتحدد البيت ونحوه , وعن تجدد إلهيته وربوبيته؛ ومراده بالتعدد الذي ينزه عنه تعدد أسمائه وصفاته , وأنه لا يسمع ولا يبصر ولا يعلم شيئا , ولا يتكلم ومراده بالتحدد أنه ليس فوق خلقه ,ولا هو مستو على عرشه , ولا فوق العرش إله يعبد ,وليس فوق العرش إلا العدم.

ومراده بالتجدد أنه لا يقوم به فعل ولا إرادة ولا كلام بمشيئته وقدرته وبعضهم يقتصر على حرفين؛ فيقول نحن ننزهه عن التكثر والتغير فيتوهم السامع تكثر الآلهة وتغيره سبحانه واستحالته من حال إلى حال , وحقيقة هذا التنزيه أنه لا صفة له ولا فعل.

"الصواعق المرسلة" (3

937)

وقال شيخ الإسلام: والكلابية يقولون هو متصف بالصفات التي ليس له عليها قدرة , ولا تكون بمشيئته؛ فأما ما يكون بمشيئته؛ فإنه حادث , والرب تعالى لا تقوم به الحوادث ويسمون الصفات الاختيارية بمسألة حلول الحوادث

فإنه إذا كلم موسى بن عمران بمشيئته وقدرته , وناداه حين أتاه بقدرته وبمشيئته كان ذلك النداء , والكلام حادثاً.

قالوا: فلو اتصف الرب به لقامت به الحوادث.

قالوا: ولو قامت به الحوادث لم يخل منها و ما لم يخل من الحوادث فهو حادث.

قالوا: ولأن كونه قابلاً لتلك الصفة إن كانت من لوازم ذاته كان قابلاً لها في الأزل فيلزم جواز وجودها في الأزل.

والحوادث لا تكون في الأزل؛فإن ذلك يقتضي وجود حوادث لا أول لها , وذلك محال لوجوه قد ذكرت في غير هذا الموضع.

"مجموع الفتاوى " (6/ 220)

ما ترتب على هذه المسألة

ترتب على هذه المسألة وهي إنكار قيام الصفات الاختيارية بالله عز وجل مسائل عدة منها إنكار أو تأويل كل صفة يفهم منها التجدد أو الاستمرارية لله عز وجل.

وقد ضاقوا ذرعا في النصوص التي فيها إثبات الاختيارية والاستمرارية لله تعالى كصفة الكلام والسمع والبصر وغيرها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير