تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هريرة؟ قال كنت جنباً فكرهت أن أجالسك قال: سبحان الله إن المؤمن لا ينجس] فما معنى (سبحان الله) هنا؟ معناها: أتعجب منك يا أبا هريرة، أنت حافظ العلم وراوية الإسلام كيف يخفى عليك هذا الحكم في شريعة الرحمن.

(أسرى) قال علماء اللغة سرى وأسرى بمعنىً واحد مثل سقى وأسقى، قال

حسان بن ثابت رضي الله عنه:

حي النضيرة ربت الخدر \\\ أسرت إليّ ولم تكن تسري

النضيرة في البيت إما زوجته أو ابنته أو أخته المقصود جاءته في الليل و يحييها أسرت إليه ولم تكن تسري، قال علماؤنا: جمع حسان اللغتين في هذا البيت أسرت فهذا أن أسرى وتسري من سرت لأنها لو كانت من أسرت لقال تُسري.

قيل إنه سير الليل خاصة، وعليه فذكر (ليلاً) في الآية للإشارة إلى تقليل الزمن في تلك الليلة فما سراه لم يكن في مدة الليلة بكاملها إنما كان الإسراء والمعراج به كان في جزء من الليل ولم يكن في جميع الليلة، ويدل على هذا قراءة بن مسعود وحذيفة وهى قراءة شاذة (سبحان الذي أسري بعبده بالليل) بدلاً من (ليلاً) أي أن السرى حصل لنبينا صلوات الله عليه وسلامه والإسراء به حصل في جزء من الليل فذكر ليلاً، فالتنكير هذا للتقليل حصل له في جزء من الليل وكما ذكرنا فراشه دافئ

وقال الزجاج: هو مطلق السير في ليل أو نهار وعليه فذكر الليل لبيان وقت الإسراء.

(بعبده) هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أفضل خلق الرحمن ونعته بهذا الوصف وهو العبودية لأمرين معتبرين:

الأمر الأول:

أنه أكمل النعوت وأشرف الخصال في حق البشر؛ لأن العبودية تتضمن أمرين اثنين: حب كامل وذل تام، ولا يكون العبد عبداً إلا بهذين الأمرين، فيحب الله محبة تامة كاملة، ويتذلل تذللاً تاماً كاملاً، فمن بلغ هذين الأمرين يقال له: هو عبد، وهذه أشرف صفة ولذلك نعت الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بهذا الوصف الذي يشير إلى هذين الأمرين في أعلى المقامات وأجلها منها قوله تعالى (سبحان الذي أسرى بعبده)، (الحمد لله الذي أنزل على عبده)، (وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا)، (وأنه لما قام عبد الله يدعوه) فينعته ربنا بلفظ العبودية؛ لأنه أشرف وصف في المخلوق وهو أن يكون عبداً للخالق، أي يحبه حباً تاماً ويتذلل إليه تذللاً تاماً.

ونبينا عليه الصلاة والسلام نال من هذين الوصفين أعلى نصيب ممكن في حق البشر لذلك فهو أشرف المخلوقات على الإطلاق، ثبت في المستدرك ومسند البزار بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه موقوفاً عليه وله حكم الرفع إلى نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: [خيار ولد آدم] وفي رواية: [سيد ولد آدم خمسة محمد وإبراهيم وموسى وعيسى ونوح وسيد خلقه محمد عليه صلوات الله وسلامه].

فقد اتفق أئمتنا – وهذا قد مر معكم في مبحث النبوة في المستوى الأول في شرح العقيدة الطحاوية – على أن أفضل البشر الأنبياء وأفضل الأنبياء الرسل وأفضل الرسل أولو العزم وهم الخمسة الذين ذكرهم الله في آيتين من كتابه (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم) آية 7 من سورة الأحزاب، وفى سورة الشورى آية رقم 13 (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) فأفضل الرسل أولو العزم، وأفضل أولو العزم الخليلان إبراهيم ومحمد على نبينا وعلى جميع أنبياء الله ورسله صلوات الله وسلامه وأفضل الخليلين أكملها خلة وأعظمها محبة لربه وهو محمد صلى الله عليه وسلم.

فخلة إبراهيم لربه دون خلة نبينا عليه الصلاة والسلام لربه، والخلة هي أكمل مراتب المحبة وهي في المحبة كالمقت في الغضب فكما أن المقت أعظم أنواع الغضب، فالخلة أعلى مراتب المحبة.

قد تخليت مسلك الروح مني \\\ وبذا سمي الخليل خليلا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير