تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذن آيات قبل رحلة الإسراء وسيأتينا منها شق الصدر الشريف لنبينا عليه صلوات الله وسلامه، وما حصل له أثناء رحلته قبل أن يصل إلى السماء، وما حصل له في السموات، وما حصل له بعد السموات من آيات عظيمة: تكليم الله حصل له، ولكن هل حصلت الرؤية أم لا؟ سنتكلم عن هذا كله إن شاء الله عند مبحث خاص في الآيات التي رآها نبينا عليه الصلاة والسلام.

(إنه هو السميع البصير) الضمير في (إنه) يعود على الله جل وعلا على المعتمد، (إنه) أي إن الله (هو السميع البصير)، وفي ذلك دلالة على صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغ ويقول ويدعي، فلو كان مفترياً هذا الأمر وأنه أسري به وعرج ولم يكن ذلك قد حصل فإن الله سميع لأقواله بصير فلبطش وأخذه أخذ عزيز مقتدر، كما قال لنبيه موسى وهارون (إنني معكما أسمع وأرى) فإذا أراد ذاك اللعين – وهو فرعون – أن يتحرك فأنا لست بغائب، أنا أسمع وأنا أرى، أخسف به الأرض أرسل عليه حاصباً من السماء فتخطفه الملائكة من جميع الجهات، فأنا معكما أسمع وأرى.

ولذلك قال نبينا عليه الصلاة والسلام لأبي بكر في حادثة الهجرة: [ما ظنك باثنين الله ثالثهم] (إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا) فإذا كان الله معك فلا تخف ولو كادك أهل الأرض ومعهم أهل السماء لو حصل ذلك، فالله سيتولاك ويجعل لك فرجاً ومخرجاً من حيث لا تحتسب، كما قال الله جل وعلا: (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب).

ثبت في مسند الإمام أحمد ومستدرك الحاكم عن أبي ذر رضي الله عنه [أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ عليه هذه الآية (ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب) ثم قال: يا أبا ذر لو أن الناس كلهم أخذوا بهذه الآية لوسعتهم فمازال يكررها عليّ حتى نعست].

إذن (إنه هو السميع البصير) يعود على الله جل وعلا، هو سميع بصير ففي ذلك إشارة إلى صدق نبينا الكريم عليه صلوات الله وسلامه فيما ادعى وأخبر فلو كان الأمر بخلاف ذلك لما أقره الله ولما تركه ولعاجل له العقوبة: (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين).

وقيل: إن الضمير يعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيما حكاه أبو البقاء العُكْبَري (إنه) أي أن النبي صلى الله عليه وسلم سميع بصير، سميع لأوامر الله، بصير بي وفي ذلك إشارة إلى حصول رؤية نبينا عليه الصلاة والسلام لربه، والمعتمد أنه حصلت له الرؤية، لكن هل بقلبه أم بعين رأسه؟ نشير إلى هذا عند الآيات التي رآها فوق السموات، فالرؤية حصلت له (ما زاغ البصر وما طغى) وكما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: [رأيت نوراً] وكما قال ابن عباس: [رأى محمد عليه الصلاة والسلام ربه مرتين] لكن هل هذه رؤية قلبية أم بصرية بعين رأسه، سنفصل الكلام على هذا في حينه إن شاء الله تعالى إذن سميع لأوامر الله، بصير بي، ليس حاله كحال غيره فانظر للفارق العظيم بينه وبين الكليم على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام، أما موسى الكليم فهو الذي طلب من الله جل وعلا أن يمكنه من رؤيته وأن يأذن له بالنظر إليه فقال: (لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني، فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً وخر موسى صعقاً) إذن تشوق للأمر فقال الله تعالى: لا يحصل لك ولا تتمكن من ذلك ثم لما تجلى الله للجبل صعق موسي وخر مغشياً عليه، بينما نبينا عليه الصلاة والسلام دعي للأمر دون أن يتشوق وأن يتطلع وأن يطلب، ثم ثبته الله فما زاغ البصر وما طغى.

شتان شتان بين من يقول الله عنه: (ما زاغ البصر وما طغى) وبين من يقول عنه: (وخر موسى صعقاً)، ولذلك قال أئمتنا: نبينا مراد، وموسى مريد، وشتان بين المراد والمريد.

ذاك هو يطلب ثم لا يثبت ولا يتمكن، بينما هذا يطلبه الله، عليهم صلوات الله وسلامه.

وقال أئمتنا: نبينا يطير وموسى يسير، وشتان بين من يطير ومن يسير.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير