تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكقوله تعالى: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً) فأتى عليه لم يكن شيئاً للروح أم للجسد؟ لروحه ولجسده ولا كانت روحه والله خلقه ونفخ فيه الروح وهو على كل شيء قدير فالعبد والإنسان هذان اسمان للروح وللجسد فليس اسماً للجسد فقط، ولا للروح فقط، والله سبحانه يقول (سبحان الذي أسري بعبده) فدخل في لفظ العبد جسد النبي عليه الصلاة والسلام وروحه.

الأمر الثالث: أو اللفظ الثالث:

في الآية (السميع البصير) وتقدم معنا أن الأظهر في (أنه هو السميع البصير) أنه يعود على الله جل وعلا وفي ذلك دلالة على أن الإسراء كان بروح النبي عليه الصلاة والسلام وجسده يقظة لا مناماً، لأن الأمر لو لم يكن كذلك وادعاه النبي عليه الصلاة والسلام فكيف يتركه السميع البصير، فلو كان مفترياً ومختلقاًً لهذا وتقولاً على الله لما أقره السميع البصير لأن الله لا يؤيد الكذاب ولا يناصر المخادع ويهتك ستر المنافق، فكيف إذاً يدعي النبي عليه الصلاة والسلام هذا ولم يكن يحصل له، والله سميع بصير يقره.

وإذا عاد إلى النبي عليه الصلاة والسلام – كما ذكرنا قبل أنه أحد الأقوال – فقلنا إن الأمر كذلك فهو سميع لأوامري بصير بي، حدثت له الرؤية في حادث الإسراء والمعراج.

الأمر الرابع:

قول الله تعالى في وصف نبينا عليه الصلاة والسلام في سورة النجم عندما تعرض لذكر حادثة الإسراء والمعراج وأنه رأى في الملأ الأعلى ما رأى، قال: (ما زاغ البصر وما طغى لقدر رأى من آيات ربه الكبرى) وقوله في الآيات (ولقد رآه نزلة أخرى) أي ولقد رأى نبينا عليه الصلاة والسلام جبريل، (نزلة أخرى) أي مرة أخرى (عند سدرة المنتهى، عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى) فراش من ذهب ومن الألوان التي لا يوجد مثلها في زمن من الأزمان، أنواع عند سدرة المنتهي فراش من ذهب كما هو ثابت هذا في الصحيح عن نبينا عليه الصلاة والسلام، (ما زاغ البصر وما طغى) ,وزيغ البصر هذا يقع للإنسان يقظة لا مناماً.

الأمر الخامس: أو الدليل الخامس:

لما تحدث الله سبحانه وتعالى عن مكانة النبي صلى الله عليه وسلم في سورة الإسراء، أخبرنا عن عظيم ما حصل له وعن عظيم ما رآه، فقال جل وعلا: (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة الناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً)، ثبت في صحيح البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: [هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم]، وهذه الرؤيا حقيقية هي فتنة و امتحان يظهر فيها المؤمن المصدق والكافر الجاحد عندما قال لهم نبينا عليه الصلاة والسلام أسري بي في جزء من الليل إلى بيت المقدس ثم عرج بي للسموات العلى ثم عدت إلى بيت المقدس، ثم عدت إلى مكة في جزء من الليل وفراشي دافئ فهذا فتنة أم لا؟ نعم هو فتنة، ولذلك سيأتينا أن تكذيب المشركين هذا دليل على أن الإسراء والمعراج بروح النبي صلى الله عليه وسلم وجسده في اليقظة لا في المنام، لأنه لو كان في المنام لقالوا له: أنت ذهبت إلى بيت المقدس، أما نحن فذهبنا في هذه الليلة إلى الصين فينبغي أن تكون نبوتنا نحن أعلى من نبوتك لأنك تذهب إلى بيت المقدس أما نحن فنذهب إلى أبعد، فالقول بأنه كان في المنام ليس فيه معجزة للرسول صلي الله عليه وسلم وأمر خارق للعادة قد حصل له، وهو – أي الأمر الخارق – أنهم يذهبون لبيت المقدس خمسة عشر يوماً ذهاباً وخمسة عشر يوماً إياباً ويقطعها هو في جزء من الليل يضاف إلى هذا أنه يعرج به إلى السموات العلى ويعاد في جزء من الليل.

إذن رؤيا عين أريها رسول الله صلي الله عليه وسلم ومتى ثبتت له هذه؟ في حادث الإسراء والمعراج (الشجرة الملعونة في القرآن) أي أيضاً جعلناها فتنة للناس وهي شجرة الزقوم، ولذلك لما نزل قول الله جل وعلا للإخبار بأن الكفار يأكلون من شجرة الزقوم قال أبو جهل عليه لعنة الله وغضبه مستهزءاً بكلام الله جل وعلا ومستخفاً بمحمد عليه صلوات الله وسلامه: أتدرون ما الزقوم؟! هي عجوة يثرب بالزبد – (عجوة) أي أجود أنواع التمر، (الزبد) عندما يوضع على التمر قشدة الحليب وخلاصة الحليب الدسم – والله لأن أمكنني الله منها لأتزقمنها تزقماً، ونقول له: هنيئاً مريئاً بالزقوم، فقال الله تعالى: (إن شجرة الزقوم طعام

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير