تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[المغالطة بمصطلح (الإنسانية) في حوار الأديان]

ـ[سليمان عبدالرحمن]ــــــــ[17 - 12 - 08, 11:12 م]ـ

[المغالطة بمصطلح (الإنسانية) في حوار الأديان]

للشيخ عبدالعزيزبن ناصر الخليل

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه وبعد:

فمع ما في المصطلحات من فائدة كبيرة في كونها وسائل للتفاهم بأقصر طريق وأوضح دلالة وأقل مجهود مادامت مقيدة بالكتاب والسنة كما رأينا ذلك عند علماء الأصول والأحكام إلا أنها ظُلمت عند قوم تلاعبوا بها ووظفوها اليوم في التلبيس على الناس وإضلالهم فشوهوا بها الحق وزينوا بها الباطل.يصف هذا التلاعب الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله فيقول:

(إن ظلم الكلمات بتغيير دلالتها كظلم الأحياء بتشويه خلقتهم،كلاهما منكر،وكلاهما قبيح، وإن هذا النوع من الظلم يزيد على القبح بأنه تزوير للحقيقة،وتغليط للتاريخ وتظليل للسامعين،ويا ويلنا حين نغتر بهذه الأسماء الخاطئة،ويا ويح تاريخنا إذا بني على هذه المقدمات الكاذبة)] مجلة البيان العدد (140) ص 112 [

والمصطلحات إذا لم تحرر ولم تضبط فإنها تؤدي إلى انحراف في الفهم والإفهام (والمصطلحات) من أشد العناصر الثقافية أثراً وفتكاً في ثقافات الشعوب.ومع أن (المصطلح) لا يتجاوز كلمة أو كلمتين أو ثلاث ولا تتعدى ذلك إلا نادراً إلا أن هذه الكلمة قادرة على أن تفرغ العقول والقلوب وتملأها.

والمصطلح باختصار هو (حبة) أو (جرعة) سحرية، يتناولها فرد أو جماعة؛ فتحول اتجاه تفكيره أو تفكيرهم من جهة إلى جهة إن لم تفقده التفكير أصلاً.

ومن هنا تأتي ضرورة إلمام المسلم بميزان الكتاب والسنة المبرّأ من الخلل والشطط لأنه هو الذي يؤهله ليكون أبعد الناس عن الانسياق وراء الشعارات والمصطلحات المضللة مهما كان بريقها ومهما كان مكر الأعداء في التلاعب بها وعرضها في قوالب مزخرفة.

وفي واقعنا المعاصر يظهر لنا خبث أعداء هذا الدين من الكفار والمنافقين وذلك في التلاعب بالمصطلحات والتلبيس على الناس بها واستخدموا في ذلك وسائل الإعلام المختلفة التي يتحكمون بها والتي ما تفتأ تبدئ وتعيد في طرح المصطلحات الغامضة والتلاعب بها في إضلال الناس وغسل أدمغتهم وجعلها مع الوقت والتكرار أمراً مسلماً ومقبولاً لا يحتمل النقاش.

ومن هذه المصطلحات المضللة مصطلح (الإنسانية) والذي يكثر طرحه هذه الأيام والدعوة إليه في حوار الأديان والحضارات!!

فما حقيقة هذه الدعوة المضللة، وما أهدافها؟ لقد كتب الأستاذ محمد قطب حفظه الله تعالى ومنذ ما يزيد على العقدين من الزمن عن هذه النحلة وكأنه يتحدث عن واقعنا المعاصر أنقل منها بعض المقتطفات لتتضح حقيقة هذه الدعوة:

يقول وفقه الله تعالى:

(الإنسانية- أو العالمية كما يدعونها أحيانا- دعوى براقة، تظهر بين الحين والحين،ثم تختفي لتعود من جديد! يا أخي! كن إنساني النزعة .. وجه قلبك ومشاعرك للإنسانية جمعاء .. دع الدين جانبا فهو أمر شخصي .. علاقة خاصة بين العبد والرب محلها القلب .. لكن لا تجعلها تشكل مشاعرك وسلوكك نحو الآخرين الذين يخالفونك في الدين .. فإنه لا ينبغي للدين أن يفرق بين البشر .. بين الإخوة في الإنسانية! تعال نصنع الخير لكل البشرية غير ناظرين إلى جنس أو لون أو وطن أو دين! دعوى براقة كما ترى .. يخيل إليك حين تستمع إليها أنها تدعوك للارتفاع فوق كل الحواجز التي تفرق بين البشر على وجه الأرض. تدعوك لترفرف في عالم النور .. تدعوك لتكون كبير القلب، واسع الأفق، كريم المشاعر .. تنظر بعين إنسانية – وتفكر بفكر عالمي،وتعطي من نفسك الرحبة لكل البشر على السواء، بدافع الحب الإنساني الكبير!

إن أناسا قد يخدعون بدعوى الإنسانية لما فيها من بريق، فيؤمنون بها أو يدعون إليها غافلين عن الحقيقة التي تنطوي عليها. وقد لا يصدقون أصلاً أنها دعوى إلى التحلل من الدين يبثها الشياطين في الأرض لأمر يراد.

فلنصدق – مؤقتاً – أنها دعوى مخلصة للارتفاع بالإنسان عن كل عصبية تلون فكره أو سلوكه أو مشاعره، ليلتقي بالإنسانية كلها لقاء الصديق المخلص الذي يحب الخير للجميع ..

فلنصدق ذلك في عالم الأحلام .. فما رصيد هذه الدعوى في عالم الواقع؟!

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير