تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فللمؤمن أن يقرأ القرآن كما يشاء وأن يتأمل في السنة كيف يريد وله أن يفهم الأحكام الفقهية موافقا أو معارضا لغيره من الفقهاء،كل ذلك لا بأس فيه .. ولكنه لا يحق له أن يفهم العقائد القرآنية والسنية استقلالا واجتهادا بل لا بد من الرجوع إلى الأشعرية،واعتبار ما يجوزونه هو الجائز في العقيدة، وما يمنعونه هو الممنوع فيها ...

هذه الروح –التي لن نبالغ إذا شبهناها بسلطة الإكليروس –هي التي عبر عنها الصاوي -من متأخري الأشاعرة- بقوله في حاشيته على تفسير الجلالين: (الأخذ بظاهر الكتاب والسنة من أصول الكفر)

ولا عجب إذا وجدت هذا الصاوي الأشعري، بعينه، يتهم الوهابيين بأنهم خوارج ... فالرجل منسجم في فكره بدون شك لأن حكمه بالخروج هو الامتداد الطبيعي والمنطقي لرأيه السابق في منهج تلقي القرآن والسنة ...

هذا الإرهاب-ونحن نستعمل هذه الكلمة بدون أدنى تحفظ منا-اتخذ أشكالا متفاوتة .. ففي الغرب الإسلامي –مثلا-وصل الإرهاب إلى حجم "إرهاب الدولة" عندما استولى ابن تومرت صاحب المرشدة وأتباعه على الحكم ...

فقد أزاحوا بالأظافر والحديد والنار الدولة المرابطية السنية الشرعية، وعملوا بعد ذلك على طمس كل ما له صلة بآثار "المجسمين" حتى ما بنوه من عمران الدنيا .. لكن أعجب ما في هذا الحقد" الموحدي" أنهم حاربوا المذهب المالكي نفسه نكاية بالمرابطين، الذين تمذهبوا بالمالكية، أرادوا صرف المغاربة إلى المذهب الظاهري ليس اقتناعا بابن حزم،أو مجاملة له على الأقل،بل لإخماد الذكرى المرابطية في وجدان الأمة .. !!

فما رأي أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّاوِيُّ (المالكي!)؟ من هم الخوارج حقا ... !!

أما الإرهاب العلمي فقد اتخذ صورا سيئة منها سلسلة محاكمات ابن تيمية ... ولما كان الرجل أوتي قوة في المحاججة العقدية فقد رجعوا من هذا الجانب خائبين .. ودبروا له في الفروع جريمة مخالفة الإجماع في مسألة الطلاق فسجنوه .. مع أن الروافض – مثلا-صغارا وكبارا يعلنون جهارا بشرعية نكاح المتعة المخالف للإجماع، ولكن السجن من حظ ابن تيمية وحده!!

إن حصار الأفكار ومطاردة الرجال أشهر من أن يذكر ... تجد نموذجا صارخا في محنة ابن أبي العز الحنفي،شارح الطحاوية، وقد ذكر الشيخ زهير الشاويش في مقدمة الشرح نقلا عن ابن حجر أحداثا قد لا تقل فظاعة عن محاكم التفتيش في إسبانيا في عصورهم المظلمة ...

كما روى ابن حجر في الدرر الكامنة محنة أخرى لابن رجب الحنبلي قال:" .. وكان يفتي بمقالات شيخ الاسلام ابن تيمية وأن الناس نقموا عليه ذلك، فأظهر الرجوع عن خطئه ...... "

وبمناسبة ذكر ابن حجر، نشير إلى نوع من الإرهاب مرتبط بما يسمى "العنف الرمزي" كان صاحب" فتح الباري" واحدا من الواقعين في جملة ضحاياه:

ولكي نفهم هذا الأمر ينبغي أن نعتبر العلماء بشرا ينشؤون في مناخ اجتماعي ذي قبضة، وليس محض عقول مجردة ... فلك أن تقدر أن المرء منذ بداية نشأته يفتح سمعه على أن الأشعرية هم أهل السنة والجماعة ... وتظل هذه المطرقة تتبعه طيلة حياته عند شيخ اللغة وعند معلم البلاغة وعند المفتي في العقيدة ... ولك أن تقدر أنه في مثل هذا الجو لا يمكن أن يخطر بالذهن-مجرد خاطر-الاعتراض على "مذهب أهل السنة والجماعة" لأن الاعتراض عليهم مرادف للابتداع والكفر!!

هذا ما نعنيه بالعنف الرمزي ولعله أقسى من العنف الجسدي نفسه ... وقد تلمس بعض التجليات لو تتبعت شرح الحافظ -رحمه الله-لأحاديث الأسماء والصفات فتجده في مواضع يستجيب لداعي الفطرة يحركها حس أهل الحديث فتستشعر عنده الحنين لتقرير عقيدتهم والدفاع عنها لكن العنف الرمزي يمنعه .. تأمل هذا النص في شرح (بَاب قَوْل اللَّه تَعَالَى: وَلَا تَنْفَع الشَّفَاعَة عِنْده إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ):

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير