أحدهما: مطلوب في مراحل الدعوة لا الجهاد؛ وهو السكوت عن إهانتها واحتقارها. وانظر إلى الفرق بين حالتي عمرة القضاء حين كانت الأصنام حول الكعبة فلم يتعرَّض لها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته الكرام وهم يطوفون حول الكعبة، وحالة الفتح حين كسرها - صلى الله عليه وسلم - وأهانها.
ثانيهما: منهيٌّ عنه؛ وهو احترامها المقتضي الإقرار بها، والاعتراف بأحقيتها، أو مدحها والثناء على أصحابها.
4 - ومن تأمَّل التاريخ القديم والحديث رأى الفرق واضحاً بين أفعال المسلمين في حسن تعاملهم مع معتقدات مخالفيهم؛ وما يفعله الأعداء اليوم من اعتداء وإهانات لمعتقدات المسلمين، وما الذي فعله المسلمون في كنائس النصارى وماذا فعل الصليبيون قديماً وحديثاً في مساجد المسلمين.
- البيان -: احترام المبادئ الإنسانية المشتركة؛ كالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ونحوها؛ هل يمكن جعله منطلقاً لحوار الحضارات؟
1 - ملحوظة على السؤال:
من الأمور العجيبة غلبة المصطلحات الغربية علينا، فإذا استخدم الغرب مصطلحاً تحوَّل إلى مصطلح عالمي يقاس به تقدُّم الأمم وتأخُّرها، وقد سرى هذا إلينا نحن المسلمين.
وإذا كانت الحرية وحقوق الإنسان فيها وفيها؛ فما معنى إقحام الديمقراطية - وهي منهج عَلْماني غربي - لتكون من المبادئ العالمية التي تحولت إلى غاية الغايات؛ وخاصة النموذج والتطبيق الغربي لها؟
2 - هناك مبادئ كبرى وعظمى جاء بها الإسلام وشريعته الخالدة ويجمعها حفظ الضروريات الخمس المعروفة:
- حفظ الدين.
- حفظ العقل.
- حفظ العرض.
- حفظ المال.
- حفظ النفس.
وفي الشريعة من تفصيلاتها العجب العجاب.
وإذا كانت هذه لنا فيمكن أن نقدِّمها للعالم كله، ولو تأمَّلت الانهيار الحضاري اليوم لوجدت من أهمِّ أسبابه الإخلال بهذه الضروريات، وتأمَّل - مثلاً - مسألتَيْ العقل والعرض، وكيف أن الإخلال بهما يكاد يحوِّل حضارة الغرب إلى مزبلة.
3 - ونقول في الجملة: هذه المبادئ - التي وردت في السؤال ونحوها - تعتمد على الإجابة عن سؤال كبير وكبير جداً؛ ألا وهو:
بأيِّ مقياس وميزان ستُوزن هذه المبادئ؟
- بالميزان الغربي؟ (والغرب لأنه قوي مادياً لا يقبل إلا موازينه ويرفض بل يحتقر موازين الآخرين).
- أم بغيره من الموازين؟ ومن؟ الصينيون، أم الهنود، أم اليابانيون، أم الأفارقة، أم المسلمون؟
4 - وبالنسبة للمبادئ المذكورة ونحوها؛ هل يمكن أن تكون منطلقاً لحوار الحضارات؟
أ - هناك مبادئ أخرى يتفق عليها الجميع وتنادي بها الشعوب كلها؛ ومنها:
- العدل.
- عدم الظلم.
- الإحسان.
- وحقوق الإنسان (في الجملة).
ولكن كما قال العلماء - ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية -: معرفة تلك الأمور على وجه التفصيل لا يُعرف إلا عن طريق الرسل. (وليس للعالم اليوم طريق إليهم إلا الطريق الذي جاء به نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ نظراً إلى التحريف والتبديل للكتب والأديان السابقة).
ب - هذه المبادئ العالمية - للأسف - يقترحها المجرمون الكبار في الغرب، وهم الذين يحدِّدون معالمها ويشرفون على تطبيقها.
فحوار بهذه الكيفية هو حوار فاشل ومن جانب واحد.
ج - من الممكن أن يعقد الثقاة من علماء المسلمين ودعاتهم مؤتمرات أو ندوات يحددون فيها هذه المبادئ على ضوء قواعد الشرع ويقدمونها للعالم ويحاورونهم عليها.
- البيان -: هل يمكن وضع إطار عام يقرُّه الإسلام للتعايش والتفاهم والتعاون بين الأمم؟
1 - في آخر الجواب السابق جاءت الإشارة إلى ذلك.
2 - ينبغي أن يُعلَم أن الإسلام ليس للمسلمين فقط؛ فهو للعالم كله، ومن ثم فلا يملك أحد - كائناً من كان - أن يحدِّد للإسلام معالم أو أطراً يحشره فيها لا يتجاوزها في دعوته للناس كافة.
أعني بذلك: أن الإسلام ليس ملكاً للمسلمين يأخذون منه ما يريدون ويعطون الناس الباقي، أي: ليس لهم أن يتنازلوا عن أمور أصيلة في هذا الدين، منها:
- عالمية الإسلام.
- نسخه لما قبله من الديانات.
- الأساس الذي يقوم عليه توحيد الله وحده لا شريك له واتِّباع شرعه.
- محمد - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين وهو رسول إلى الناس كافة.
- من لم يوحِّد الله فهو كافر تجب عداوته، ومن لم يتبع نبينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - فهو كذلك.
- إن الإسلام يقسم العالم إلى كفر وإيمان، وليس إلى شرق وغرب ونحو ذلك.
¥