تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - وبناء على ذلك فلا يملك أحد أن يتحدث باسم الإسلام؛ بل لا يجوز له ذلك بحيث يرضى في دعوته ونشر مبادئه أن يكتفي بالحرية وحقوق الإنسان بدل التوحيد والعبادة لله رب العالمين، كما لا يجوز له أن يقدِّم ذلك للناس باسم الإسلام.

ونحن إنما نتحدث عن حوار حضارات ولا نتحدث عن مجموعة من المتسوِّلين على أبواب الغرب ينادون: يا محسنون! أعطونا (شوية) حرية و (شوية) حقوق إنسان؛ كما هو حاصل الآن.

4 - هناك فرق بين حالتي الضعف والقوة، وذلك لكل الأمم.

وفي سيرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيان واضح لذلك في مرحلتَيْ العهد المكي والعهد المدني.

وهذا واضح لا يحتاج إلى شرح؛ ومع هذا:

أ - لم يتنازل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن دعوته وأصول دينه، بل تحمَّل هو وأصحابه في سبيل ذلك الصعاب والشدائد في مكة.

ب - استفاد - صلى الله عليه وسلم - من النظام العشائري للعرب، كما استفاد من مجامع العرب وأسواقهم ونحو ذلك.

وهذا يشبه استفادة المسلمين مما عند الغرب من حرية في بلادهم.

6 - وأخيراً: فإنني لا أظن أنه يمكن وضع إطار عام - في ظل الهيمنة الغربية الصليبية - للتعايش يقرُّه الإسلام؛ لأن الأمر سيؤول إلى إسلام أو لا إسلام: {وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: 021].

وأنا أعلم أن الشواهد في الكتاب والسنة والسيرة وأفعال الصحابة على كثير من تلك المبادئ في العدل والإحسان والحرية وحقوق الإنسان والحيوان؛ كثيرة.

ولكن الكلام هنا عن أسسٍ ومبادئ لحوار حضاراتٍ لكل منها أسسه العقدية والفكرية والشرعية، ولا تنفك المبادئ التفصيلية عن تلك الأسس، وانظر إلى مبادئ الأمم المتحدة؛ على أي أساس تقوم؟ وتصوَّر مبادئ يمكن أن تقوم عالمياً بدون تلك الأسس؛ لا يمكن على حدِّ علمي؛ والله أعلم.

- البيان -: بعضهم ينطلق من مفهوم جهاد الطلب أنه هو أساس مفهوم التصادم، وسلب حق الآخرين في حرية المعتقد؛ فهل هذا صحيح؟

1 - للأسف يُفهم الجهاد - وأساسه عند الإطلاق جهاد الطلب - على أنه - بالنسبة للمسلمين - ممارسة القتل والاحتلال والتسلُّط على الأمم الأخرى ولا شيء غير ذلك.

ومعلوم أن شريعة الجاهلية هي السائدة لدى كل الأمم التي لم تتَّبع الرُّسُل قديماً وحديثاً؛ إذ كل دولة أو أمة أو قبيلة ترى من نفسها قوة، ومن عدوها أو من جاورها ضعفاً؛ فإنها تبادر إلى غزوه واحتلال أرضه وشعبه وممتلكاته.

وأشهر صور ذلك:

- حروب الرومان.

- وحروب الصليبيين حين عبروا المحيط لغزو بلاد المسلمين.

- والتتار الذين جاؤوا بعدهم.

- وأبشع الصور ما جرى في العصر الحديث وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى وإلى يومنا هذا فيما يجري في أفغانستان والعراق وفلسطين والصومال، ودول الجمهوريات الإسلامية في الشرق أو دول البلقان.

إذن؛ هي حالة عالمية، تشبه ما يجري بين الناس من اعتداء وسرقة وانتهاك أعراض وغصب وظلم، ما لم يضبطه دين وشريعة أو قانون، فلا يمكن وجود المدينة المثالية الأفلاطونية، ومن ثم فلا بدّ لكل الأمم من أحكام وشريعة وقوانين تنظم حياتهم.

- قد يسارع القارئ ويقول تعليقاً على ما سبق: وكذا المسلمون احتلوا بلاد فارس والروم والقبط والبربر والشرق والغرب.

والجواب في الفقرة التالية:

2 - الجهاد في الإسلام قام على أسس تخالف جميع المناهج الأرضية الجاهلية، وهذا ليس مختصاً بالإسلام الذي جاء به نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، بل هو شريعة الرسل من قبله ممن شرع لهم الجهاد في سبيل الله؛ كما جاء مفصلاً في القرآن.

وأهم هذه الأسس:

أ - أنه لإعلاء كلمة الله، وإقامة توحيده وحده لا شريك له والبراءة من الشرك وأهله، وكثيراً ما يأتي القيد في كتاب الله عند ذكر الجهاد والقتال والحث عليه ومدح أصحابه وبيان جزائهم عند الله - تعالى - بأنه في سبيل الله.

وقد فرَّق - تعالى - بين قتال المؤمنين وقتال الكافرين فقال: {الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ} [النساء: 67].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير