تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمثلاً حديث [خلق الله الورد من عرق النبي صلي الله عليه وسلم] هو حديث موضوع، فهذا العقل يكذبه لأن الورد كان موجوداً قبل النبي صلى الله عليه وسلم، فإذن العقل يحيل هذا فكيف تقولون إن الورد خلق من عرق النبي صلى الله عليه وسلم.

في المقابل قد يقول قائل: الإسراء والمعراج باطل، ورد به السمع لكن العقل يحيله، وعليه فنرد السمع، نقول: لأن العقل ليس بصريح إنما هذا العقل قبيح، فلو كان عقلاً صريحاً لاحترم نفسه وقال: هذا ليس بمستحيل، لأنه ليس فيه جمع بين النقيضين وليس فيه نفي للنقيضين، فيتصور وجوده – ويتصور عدمه، فإذا شاء ربنا أحد الممكنات فليس بمستحيل (كن فيكون)، (وهو على كل شيء قدير).

س: ما هي مواصفات العقل الصريح؟

جـ: العقل الصريح لا يمكن أن يوجد ولا أن يحصل في غير المؤمن الذي يخاف من الله ومن عدا المؤمن سيقول يوم القيامة: (لو كنا نسمع أو نعقل) كما أخبرنا الله عنهم، فكل من عدا المؤمن فليس عند واحد منهم عقل صريح، لكن قد تقل نسبة الحماقة وقد تكثر وأول الحمقى اللعين إبليس، لأنه أول من اعترض على الله، وهذا عقل صريح أم عقل قبيح؟ بل هو قبيح، فماذا قال لله: (رب فأنظرني إلى يوم يبعثون)، (رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين) فيا إبليس يا ملعون، بماذا تخاطب الحي القيوم؟ تقول رب، إذن هو ربك خلقك فكيف تعترض عليه وتقول (أأسجد لمن خلقت طيناً)، (أنا خير منه) أنت تقول رب، أمرتني بالسجود لآدم ثم تقول هذا خلاف الحكمة، فأنت سفيه الحكمة تقتضي أن يسجد آدم لي لأنني أنا من نار وهو من طين، ولنناقش كلامه: أنت تقول الله خلقك وأعطاك الحكمة فهل يعقل لمن أعطاك الحكمة أن يرضى لنفسه بالسفاهة فهذا لا يقبله عقل.

أمر ثانٍ نناقشك فيه سلمنا أن عندك حكمة فأنت تقول النار أحسن من الطين،ولم أحسن مع أن طبيعة النار الطياشة والتفريق، وطبيعة الطين الرزانة والهدوء؟ وانظر إلى نتيجة الطين ونفعه للمخلوقات أجمعين تضع فيه حبة يعطيك شجرة فيها من كل زوج بهيج، والنار تحرق ثيابك إن لم تحرقك فالطين طبيعته الإصلاح، والنار طبيعتها الإفساد.

سلمنا أن النار أفضل من الطين فهل يلزم مَنْ خُلِق من عنصر شريف أن يكون شريفا، وهل يلزم مَنْ خُلِقَ من عنصر خبيث أن يكون خبيثاً، أم كل نفس بما كسبت رهينة؟ إذا كانت النفس من باهلة والعرق والنسب من بني هاشم فماذا ينفع النسب؟ ألم يقل الله (تبت يدا أبي لهب)؟!

إذا افتخرت بآباء لهم نسب \\\ قلنا صدقت: ولكن بئسما ولدوا

فهب أن النار أجود العناصر وأحسنها، فهل يلزم أن تكون أنت أفضل المخلوقات؟ لا يلزم، فانظر إلى هذه السفاهة، ولهذا أول الحمقى إبليس، وأول من مات من المخلوقات على وجه الإطلاق إبليس، وهو منظر إلى يوم الدين، لأن كل من عصى الله ذهبت منه الحياة الحقيقية (أفمن كان ميتاً فأحييناه) فهذا ميت لكنه في صورة حي.

وبالجهل قبل الموت موت لأهله **** وأبدانهم قبل القبور قبور

وأرواحهم في وحشة من جسومهم **** وليس حتى النشور نشور

ولذلك العقل الصريح هو الذي يلتزم بشرع الله الصحيح، قال تعالى: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب)، قال أبو العالية وقتادة وغيرهم: أجمع أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام أن كل من عصى الله فهو جاهل، وأن كل من تاب قبل الموت فقد تاب من قريب.

فالعقل الصريح ضابطه هو الذي لا يأتي بسخف ولا يتعالى على شرع الله ولا يأتينا بعد ذلك بمضحكات بمبكيات كما هو الحال في الدولة الأمريكية فالزنا في القانون الوضعي عندهم حلال، ومنعت المخدرات بل وتطارد عصاباتها، وتعمل مؤتمرات لمكافحتها، بينما لم تمنع المسكرات وسميت بمشروبات روحية وأهل الأرض من أهل القوانين الوضعية كلهم يسميها حلال، والمخدرات حرام مع أن الخمر أقوى في التحريم من الحشيش والأفيون، فهذه ألحقت بالخمر كما قال أئمتنا لوجود علة الإسكار فألحقت به تحريماً ونجاسة وحداً، ففيها حكم الخمر، لكن انظر إلى عقول البشرية: من يتاجر بالمخدرات يطلب ويشنق ويحكم عليه بالإعدام، ومن يتاجر بالمسكرات يعطى ترخيصاً من الدولة، فهذا عقل صريح أو عقل قبيح؟.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير