تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأساس الرابع: هو أنهم كانوا يردون على أهل الأهواء وعلى المنحرفين بمنهجٍ صارمٍ متميزٍ قائمٍ على الدليلِ من كتابِ الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وبعض الناس يظن أن منهج السلف هو منهج نقلي، يعني: أن السلف رحمهم الله تعالى ضعفاء مساكين ما عندهم عقول، يلغون عقولهم، وتلك فرية على السلف رحمهم الله تعالى، فإن القرآن الكريم وهو الدليل النقلي القاطع جاء بالأدلة العقلية، والأمثلة المضروبة التي تبين الحق، والمؤمن بالله المتبع لشرعه المتمسك بكتابه وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- هو أكمل الناس عقلاً، ومن حاد عن ذلك ليبحث عن فلسفات من المنطق وعلم الكلام وأقوال الشرق والغرب وفلسفات الوضعيين، وفلسفات الوجوديين، وفلسفات الفوضويين وغيرهم، من أراد أن يأخذ علمه وفهمه لمتطلبات العقيدة، وللأسئلة الحرجة التي تمر على كل إنسان، فمن أراد أن يأخذها عن هؤلاء فهو والله صاحب العقل الناقص. لماذا؟ لأنه طلبها من غير مصدرها، ونحن نعلم أن أمور العقيدة أمورٌ غيبية، والأمور الغيبية إنما تؤخذ ممن عنده الغيب، وهو الله سبحانه وتعالى.

الأساس الخامس: هو حُجية السنة عندهم، وحجية خبر الآحاد إذا صح عن النبي-صلى الله عليه وسلم-، وتلقته الأمة بالقبول، وكم من أهل البدع قديمًا منذ عهد الجهمية والمعتزلة، وإلى عصرنا الحاضر عند العقلانيين والعَلمانيين وغيرهم، كم من هؤلاء على مدار التاريخ من جعلوا سنة النبي-صلى الله عليه وسلم- على جنب!! ولم يأبهوا بها!! وجعلوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما يقول البعض: (هو رجل ونحن رجال)!! أهل السنة والجماعة يعتقدون أن ما جاء عن النبي-صلى الله عليه وسلم- ونقله الأثبات سواءٌ كان في مسائل العقيدة، أو في مسائل الأحكام، يعتقدون أنه وحي من الله سبحانه وتعالى، فيأخذون به، بشرط: أن تتلقاه الأمة بالقبول، يعني: أن تأتي تلك الأسانيد صحيحة، ويتلقاها علماء الحديث، جهابذة الحديث، يتلقونها بالقبول، كما هو موجود مثلاً في صحيح البخاري وفي صحيح مسلم، فإن العلماء تلقوا ما فيهما أو في غيرهما مما صح سنده، فيجب أن نعتقد أنه يفيد العلم أولاً، وأنه يحتج به في باب العقائد ثانيًا، كما أنه يحتج به في باب الأحكام والحلال والحرام، وينبغي أن نعلم أن هذه المسألة – حجية خبر الآحاد – مبنية على ثلاثة أمور مهمة:

الأمر الأول: أن من مقتضيات شهادة أن محمدًا رسول الله، تصديقه فيما أخبر، فمن لم يصدق النبي-صلى الله عليه وسلم- فيما يخبر به أي شيء كان إذا صح عنه، فهو قد نقض شهادة أن محمدًا رسول الله.

الأمر الثاني: أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- هو أعلم وأخشى وأتقى لله، وأرغب الناس في تبليغ الخير، أي: أن يعتقد أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- رسول من الله هادٍ وبشير، يريد الخير للناس، يريد أن يبين الحق لأمته، وما ترك خيرًا إلا ودل أمته عليه، وما ترك شرًا إلا وحذر أمته منه، حتى قال أحد اليهود لأحد الصحابة: (قد علمكم نبيكم- صلى الله عليه وسلم- كل شيء حتى الخراءة) [1] ( http://www.islamlight.net/administrator/index2.php#_ftn1) ، يعني: حتى كيف تقضون الحاجة، فإذا كان النبي- صلى الله عليه وسلم- علَّمنا بهذه الأمور المهمة، وإن كان بعض الناس يظن أنها صغيرة، لكنها أمور تتعلق بحياة الإنسان العادية، فكيف بالأمور الأساسية، كيف بأمور العقيدة؟ والرسول- صلى الله عليه وسلم- رءوف رحيم كما أخبرنا عنه تبارك وتعالى، يحب الخير لأمته، لاشك أن من مقتضيات شهادة أن محمدًا رسول الله هو الإيمان به في هذه الأمور.

الأمر الثالث: أن الرسول- صلى الله عليه وسلم- بلغ جميع ما أنزل إليه من ربه وما كتم شيئا، ((يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)) (المائدة: 67).

فنبي الله- صلى الله عليه وسلم- بلغ أمره ودينه، وكل أمر أوحي إليه بلغه إلى أمته وإلى أصحابه، سواء كانت في أمور العقائد وأساسياتها، أو كانت في بيان أمور فروع الشريعة وأدق دقائقها، حتى ما يتعلق بأحواله - صلى الله عليه وسلم- الخاصة، فإن زوجاته - صلى الله عليه وسلم- وأرضاهن بلغن عن هذا النبي الكريم أحواله الخاصة، وهكذا بقية الأمور.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير