تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[التراث الأصيل والتراث الزائف مقال للأستاذ أنور الجندي]

ـ[محمد مبروك عبدالله]ــــــــ[23 - 12 - 08, 05:12 م]ـ

هناك محاولة جديدة للتآمر على عقيدة الإسلام ومنهجه وتراثه التي تتخفى وراء مظاهر الشعر والبيان والفنون الأدبية والتاريخ بهدف تدمير القاعدة الأساسية للفكر الإسلامي القائم على مصدريه الأساسيين (القرآن والسنة) والمتصل بمناهج العلوم الإسلامية التي شكلها علماء المسلمين استمدادًا من القرآن الكريم وأبرزها: المنهج العلمي في التحقيق التاريخي (الرواية والدراية) المستمد من تحقيق الحديث النبوي الذي شمل من بعد مجموعة العلوم الإنسانية والتجريبية.

هذا والقرآن والسنة وما يتصل بهما من تراث أصيل يقوم على أساس مفهوم أهل السنة والجماعة هو الركيزة الحقيقية لإعادة بناء الأمة الإسلامية على مفهوم الإسلام الصحيح بوصفه منهج حياة ونظام مجتمع، وهو الخطر الماثل أمام القوى الأجنبية (غربية ويهودية وماركسية) الذي ظلت هذه القوى تحاربه وتزيفه وتخدع أهله أكثر من قرن ونصف قرن من الزمان من خلال قانون نابليون بديلاً عن الشريعة الإسلامية؛ ومن خلال تعليم دنلوب، ومن خلال عمليات التبشير الغربي التي قادها زويمر، ومن بعده في محاولة (لتغريب) هذه الأمة المؤمنة بالله تبارك وتعالى خالقًا ورازقًا، وإخراجها من جوهر مفهومها؛ فلما أن انكشفت الأستار وتبين فساد المؤامرة وعاد المسلمون إلى منهجهم في جولة جديدة هي الصحوة الإسلامية كان لابد من تدبير مؤامرات جديدة لعل أخطرها اليوم هي مؤامرة هدم التراث الأصيل وإعداد التراث الزائف.

ويجري اليوم تنفيذ هذه المؤامرة عن طريق مجموعة جديدة من الأدعياء يعملون في حقل بعيد تمامًا عن موضع الخطر، وتتبناه جماعة من الشعوبيين والماركسيين الحاقدين الذين تدثروا بدثار البحث في التراث الإسلامي؛ حيث لايثير عملهم المحاذيرَ التي قد تَعْلَقُ بالعاملين في حقل الفكر السياسي أو الاجتماعي سواء عن طريق الليبرالية أو الماركسية، وهم في الأساس يرفضون التراث الأصيل ويتهمونه بالجمود والضعف، ويُعْنَون بتراث المتآمرين على الإسلام وأهله من دعاة الحلول والاتحاد ووحدة الوجود والإشراق وإحياء تراث المجوسية والبوذية والغنوصية وتضمين الشعر الحر والقصص تلك الأساطير لإذاعتها وإعطائها مكانة الأصل الغائب المهجور على النحو الذي نراه مُمثَّلاً فيما يُسمُّونه ِ"إحياءَ التراثِ" بمقاييس الهدم والتدمير من خروج على الأسلوب العربي الأصيل، ومن هدم لقِيَم البلاغة العربية وأصولها وتغليب جانب الفللكلور الذي يمثل طفولة البشرية على البيان العربي الأصيل في محاولة لإعطاء الفن القصصي حرية محسوبة تحت اسم ِ"حرية الإبداعِ"، وِ"حرية الإبداعِ" هذه التي يتشدقون بها هي اسم مضلل لما قام به الزنادقة في القديم، وحاولوا به تحطيم أصالة البيان العربي والأسلوب القرآني وهي اليوم تمثل محاولة أشد خطورة عندما يُزيِّفون النصوص التاريخية في محاولة إيجاد صورة فنية مضطربة لا تقيم وزنًا للقيم الأخلاقية والإنسانية وتذهب بعيدًا في الكشف والإباحة وتدمير الثوابت على النحو الذي نجده في محاولات القصصة الماجنة التي تتخذ من دعوى حرية الإبداع منطلقًا لتقديم إباحيات جديدة تحت صور قديمة من التاريخ.

إن هذه الرسالة رسالة القلم أمانة ومسؤولية، ليست للأهواء والمتاع الرخيص وقد حذَّرَنا الإسلامُ من التفريط في حماية هذا القلم من الهدف الذاتي أو المطمع القريب وأنه موضع حساب شديد، ولن يستطيع هذا الهدف الغرير أن يحقق شيئًا لأنه معارض للفطرة ولقوانين اللغة والفكر والأدب وسوف تتحطم هذه الدعوة كما تحطمت من قبل دعوات جبران خليل جبران ويوسف الخال ولويس عوض وأدونيس وصلاح عبد الصبور.

إن إحياء التراث الزائف والمسموم ومحاولة منحه الحياة مرة أخرى من خلال قصة أو قصيدة لن يحقق شيئًا إلا أن يضع أصحاب هذه الدعوات في خانة الزنادقة والشعوبيين، ولن يستطيع أن يبلغ هذا العمل شيئًا في النفس المسلمة التي عرفت بلاغة القرآن الكريم وبيان الرسول صلى الله عليه وسلم وما حمل التراث الإسلامي من عطاء ثر يملأ النفوس إيمانًا وتشع منه أضواء الهدى والضياء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير